على سالِكها.
ثم ذكرَ أن الطريقَ الصحيحةَ في ذلك: الاستدلالُ بالصنعةِ على صانعها.
كما تضمَّنه القرآنُ، وندب إلى الاستدلالِ به في مواضعَ، وبه تشهدُ الفطرُ
السليمةُ المستقيمةُ.
ثم ذكر طريقتَهم التي استدلُّوا بها، وما فيها من الاضطراب والفسادِ
والتناقضِ والاختلافِ.
ثم قال: فلا تشتغلْ - رحمكَ اللَّهُ - بكلامهِم، ولا تغترَّ بكثرةِ مقالاتهم.
فإنَّها سريعةُ التهافتِ، كثيرةُ التناقضِ، وما من كلامٍ تسمعُه لفرقة منهم إلا
ولخصومِهِم عليه كلامٌ يوازيه ويفارقُه، فكل بكلٍّ معارضٌ، وبعضهم ببعضٍ
مقابلٌ.
قال: وإنَّما يكونُ تقدُّمُ الواحدِ منهم وفلجه على خصمِهِ بقدرِ حظّه من
الثبات والحذقِ في صنعةِ الجدالِ والكلامِ، وأكثرُ ما يظهرُ به بعضُهم على
بعضٍ إَنّما هو إلزامٌ من طريقِ الجدلِ على أصولِ مؤصلة لهم، ومناقضات
على مقالاتٍ حفظُوها عليْهم [. . .] (?) تقودها وطردها، فمَّنَ تقاعدَ عن شيءَّ
مَنها سمَّوْه من طريقِ [. . .] (?) جعلوه مبطلاً، وحكموا بالفلج لخصمِه عليه.
والجدلُ لا يقومُ به حقٌّ [. . .] (?) به حجة.
وقد يكون الخصمانِ على مقالتينِ مختلفتينِ، كلاهما باطل، ويكونُ
الحقُّ في ثالث غيرهما، فمناقضةُ أحدِهما صاحبَه غيرُ مصحِّح
مذهبَه، وإن كانَّ مَفسدًا به قولَ خصمِهِ، لأنهما مجتمعان معًا في الخطأ.