قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، وكيفَ ونحْنُ مِلْء الأرضِ وهُو شخْص
واحدٌ، ينظُرُ إلينا وننْظُرُ إليه؟
قال: "أُنبئك بمثلِ ذلك، الشَّمسُ والقَمَرُ، آيةٌ منْهُ
صغيرةٌ تَروْنَهُما ويريانكُمْ ساعة واحدة، لا تضارون في رُؤيَتِهما، ولعَمْرُ إلهِكَ لَهُوَ أقْدرُ على أنْ يرَاكُمْ وتَرَوْنَهُ من أنْ تَرَوْنَهُما ويرَيانِكُم، لا تُضارون في رؤيتهِما "
وذكر بقيةَ الحديثِ.
وخرَّجه الحاكم وقال: صحيحُ الإسناد.
وقد ذكَرَ أبو عبد اللَّه بنُ منده إجماعَ أهلِ العلم على قبولِ هذا الحديثِ
ونَقَلَ عبَّاسٌ الدُّوري، عن ابن معينٍ أنَّه استحسنه.
وقولُهُ: "فإنِ اسْتَطَعْتُمْ أن لا تُغْلبُوا على صلاة قبْلَ طلُوع الشَّمْسِ وقبْلَ غُرُوبِها فافْعَلُوا"
أمر بالمحافظةِ على هاتينِ الصلاتين، وهما صلاةُ الفجرِ وصلاةُ
العصرِ، وفيه إشارة إلى عظمِ قدْرِ هاتينِ الصلاتينِ، وأنَّهُما أشرفُ الصلواتِ
الخمسِ، ولهذا قِيل في كل منهُما: إنّها الصلاةُ الوسطى، والقولُ بأنَّ
الوسْطَى غيرُهما لا تعويلَ عليه.
وقد قيل في مناسبةِ الأمرِ بالمحافظةِ على هاتينِ الصلاتينِ عقيبَ ذكرِ
الرؤية.: أنَّ أعلى ما في الجنَّةِ رؤيةُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وأشرفُ ما في الدنيا من
الأعمالِ هاتان الصلاتانِ، فالمحافظةُ عليهما يُرجى بها دخولُ الجنةِ ورؤيةُ اللَّهِ
عر وجل فيها.
كما في الحديثِ الآخر:
"منْ صلَّى البردين دخل الجنَّة" وسيأتي - إن شاء اللَّه في موضعه.