(عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) فقال: ما تقولون، تسعةَ عشرَ ملكًا؟
قلنا: بل تسعةَ عشرَ ألفًا، فقال: ومن أينَ علمتَ ذلك؟
قال: قلتُ لأنَّ اللَّه تعالى يقولُ: (وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ
فِتْنَةً لِّلَّذينَ كَفَروا) قال أبو العوام: صدقتَ وبيدِ كلِّ واحدٍ منهم مرزبةٌ من
حديدٍ لها شعبتانِ، فيضربُ بها الضربةَ يهوي بها سبعينَ ألفًا، بين منكبي كلِّ
ملكٍ منهم مسيرةَ كذا وكذا، فعلى قولِ أبي العوامِ ومن وافقه، الفتنةُ
للكفارِ، إنما جاء من ذكرِ العددِ الموهم للقلةِ حيثُ لم يذكرِ المميزَ له.
ويشبه هذا ما رَوى سعيدُ بن بشيرٍ عن قتادةَ في قوله: (وَمَا يَعْلَمُ جنُودَ رَبِّكَ
إِلاَّ هُوَ) أي: من كثرتِهِم.
وكذلك ما رَوى إبراهيمُ بنُ الحكم بنِ أبانٍ وفيه ضعفٌ عن أبيه، عن
عكرمةَ قالَ: إنَّ أولَ من وصلَ من أهلِ النارِ إلى النارِ وجدُوا على البابِ أربع مائة ألفٍ من خزنةِ جهنَّم مسودةٌ وجوهُهُم كالحةٌ أنيابُهم، قد نزعَ اللَّه الرحمة من قلوبِهِم، ليسَ في قلبِ واحدٍ منهم مثقالُ ذرة من الرحمة لو طارَ الطائرُ من منكبِ أحدِهِم لطارَ شهرينِ قبلَ أن يبلغَ المنكبَ الآخرَ، ثم يجدونَ على البابِ التسعةَ عشرَ، عرضُ صدرِ أحدِهِم سبعونَ خرِيفًا، ثم يهوونَ من بابٍ إلى بابٍ خمسمائةَ سنةٍ حتى يأتُوا البابَ؛ ثم يجدونَ على كلِّ بابٍ منها من
الخزنةِ مثلَ ما وجدُوا على البابِ الأولِ، حتى ينتهُوا إلى آخرِها.
خرَّجه ابنُ أبي حاتمٍ.
وهذا يدلُّ على أنَّ على كلِّ بابٍ من أبوابِ جهنَّم تسعةَ عشرَ خزانًا هُمْ
رؤساءُ الخزنةِ، تحتَ يدِ كلِّ واحدٍ منهم أربعمائة ألفٍ.