كربٍ في الدُّنيا والآخرةِ.
وقال زيدُ بنُ أسلمَ في قولهِ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَ اسْتَقَامُوا)
قال: يُبشرُ في ذلك عند موتهِ، وفي قبرهِ ويومَ البعثِ، فإنه لفي
الجنةِ، وما ذهبت فرحةُ البشارةِ من قلبه.
وقال ثابتٌ البناني في هذه الآية: بلغنا أنَّ المؤمنَ حينَ يبعثُه اللَّهُ من قبرهِ
يتلَقاه ملكَاه اللذانِ كانا معه في الدُّنيا فيقولان له: لا تخف ولا تحزنْ، فيؤمِّنُ
اللَّهُ خوفَه ويقر عينَه، فما من عظمةٍ تغشى الناسَ يومَ القيامةِ إلا وهي
للمؤمنِ قرةُ عينٍ، لما هداه الله ولما كانَ يعملُ في الدنيا.
خرَّج ذلك كلَّه ابنُ أبي حاتم وغيرهِ.
وأمَّا من لم يتعرف إلى اللَّهِ في الرخاءِ، فليسَ له أنْ يعرفَه في الشدةِ لا
في الدَّنيا ولا في الآخِرة.
وشواهدُ هذا مشاهدةُ حالِهم في الدُّنيا، وحالهُم في الآخرة أشدُّ، وما لهم
من وليٍّ ولا نصير.
* * *
قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
وقد قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه - الآيةَ على أبي ذَرٍّ، وقالَ له: "لو أن الناسَ كُلَّهم أَخَذوا بها لكفَتهم ".
يعني: لو أنَّهم لو حقَّقوا التَّقوى والتوكلَ لاكتَفَوا بذلك في مصالح دينهِم
ودنياهُم.