وأمَّا قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
"لا يُجلدُ فوقَ عشرِ جلدات إلا في حَدٍّ مِن حُدودِ اللَّه "
فهذا قد اختلف الناسُ في معناه، فمنهم من فسَّر الحدودَ هاهنا بهذه الحدودِ
المقدّرةِ، وقال: إنَّ التَّعزيرَ لا يُزادُ على عشرِ جلداتٍ، ولا يُزادُ عليها إلا في هذه الحدودِ المقدَّرةِ، ومنهم من فسَّر الحدودَ هاهنا بجنس محارمِ اللَهِ، وقالَ:
المرادُ أن مجاوزةَ العشرِ جلداتٍ لا يجوزُ إلا في ارتكابِ محرمٍ مِنْ محارمِ
اللَّه، فأمَّا ضربُ التَّأديبِ على غيرِ محرَّمٍ، فلا يتجاوزُ به عشر جَلْدات.
وقد حملَ بعضُهم قولَه - صلى الله عليه وسلم -:
"وحدَّ حُدُودًا فلا تعتدوها"
على هذه العقوباتِ الزَّاجرةِ عَنِ المحرَّماتِ، وقال: المرادُ النَّهيُ عن تجاوُزِ هذه الحدود وتعديها عندَ إقامتِها على أهلِ الجرائم.
ورجَّح ذلك بأنَّه لو كانَ المرادُ بالحدودِ الوقوف عند
الأوامرِ والنَّواهي، لكانَ تكريرًا لقولهِ:
"فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعُوها، وحرَّم أشياءَ، فلاتننهكُوها"
وليس الأمرُ على ما قالَه، فإنَّ الوقوفَ عند الحُدودِ يقتضي أنَّه لا
يخرجُ عمَّا أذِنَ فيه إلى ما نَهى عنه، وذلك أعمُّ من كونِ المأذونِ فيه فرضًا أو
ندبًا أو مباحًا كما تقدَّم، وحينئذٍ فلا تكريرَ في الحديثِ، واللَّهُ أعلم.
* * *
قال قتادةُ في قوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) . 2
قالَ: مِن الكربِ عندَ الموتِ، ومن أفزاع يوم القيامةِ.
وقال عليٌّ بنُ أبي طلحةَ عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - في هذه الآيةِ: ننجيه من كلِ