كله، وهو القول عليه بغير علم، وهذا يعمُّ القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وفي دينه وشرعه.
وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
فتقدَّم إليهم سبحانه بالوعيد على الكذب عليه في أحكامه، وقولهم لما لم يحزمه: هذا حرام، ولما لم يحلَّه: هذا حلال، وهذا بيانٌ منه سبحانه أنه لا يجوز للعبد أن يقول: هذا حلالٌ وهدا حرامٌ؛ إلا بما علم أن الله سبحانه أحلَّه وحرَّمه.
وقال بعض السلف: ليتَّق أحدُكم أن يقول: أحلَّ الله كذا، وحرَّم كذا، فيقول الله له: كذبتَ لم أحل كذا، ولم أحرم كذا.
فلا ينبغي أن يقول لما لا يعلم ورود الوحي المبين بتحليله وتحريمه: أحلَّه الله وحرَّمه الله؛ لمجرد التقليد أو بالتأويل.
وقال ابن وهب: سمعتُ مالكاً يقول: لم يكن من أمر الناس ولا من مضى من سلفنا ولا أدركت أحداً أقتدي به يقول في شيء: هذا حلال، وهذا حرام، وما كانوا يجترئون على ذلك، وإنما كانوا يقولون: نكره كذا ونرى هذا حسناً، وينبغي هذا، ولا نرى هذا.
ورواه عنه عتيق بن يعقوب، وزاد: «ولا يقولون: حلالٌ، ولا حرام، أما سمعتَ قول الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ}، الحلال ما أحلَّه الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه الله ورسله» انتهى.