الأمم على النساء وعدم الرحمة والرفق بهن، فحدث عن البحر ولا حرج.

فمن ذلك أن العادة جارية عندهم بأن المرأة لا تقدر أن تتزوج حتى تحضر صداقا أقله خمسة آلاف مارك، وأكثره لا حد له، ومن أسعدها الحظ بالتزوج فعلى حسب مالها تقدر أن تجد زوجا ملائما لها، لأن الزوج لا يرغب في المرأة لجمال ولا لدين ولا لحسب، بل يقدم المال على ذلك كله.

فترى المرأة تقضي شطرا كبيرا من شبابها في العمل لجمع المال الذي به وحده يكون لها بعض الأمل في الزواج، ففي برلين تشتغل الخادمة بثلاثين (ماركا) ، وفي المدن الصغيرة بعشرين (ماركا) مع أكلها في كل شهر، وتضيق على نفسها فتحرمها من كل شيء لتجمع صداقا، وقد تكون أم عجوز ضعيفة لا بد لها أن تساعدها من ذلك الراتب القليل ببعض الماركات، فكم يجب عليها أن تخدم من السنين حتى تجمع آلاف الماكرات؟ وإذا جمعت مقدارا يمكنها من التزوج بفقير مثلها، تحتاج إلى أن تؤم المجتمعات كدور الرقص والسينما وغيرها، وإذا وجدت فرصة للحديث مع رجل تغتنمها.

والعادة جارية بأن الرجل هو الذي يدعو المرأة للرقص، وهو الذي يبدأها بالكلام فقد تذهب إلى ناد من الأندية التي يجتمع فيها الناس وتنفق شيئا من المال، وهي به جد ضنية، فتدخل دار السينما أو القهوة، أو المطعم، أو دار الرقص، ولا تظفر بأحد أصلا فتعود خائبة، ثم تنتظر حتى تجد فرصة أخرى، لأن مثل هذه الفرصة لا تتيسر لها في كل يوم، بل أحسن أحوالها أن تتيسر لها في الأسبوع مرة.

وإذا ساق الحظ لها واحدا فقد يكون مخالفا لها في الدين، وقد يكون مخادعا.

فإذا وجدت رجلا موافقا في كل شيء فلا بد أن تجتمع به الفينة بعد الفينة وتختبر عشرته وحاله، فإن أعجبها فإن العادة التي جرت أن يتواعدا على الزواج ويبقيا سنين طويلة متواعدين، وفي طيلة مدة التواعد تظل خائفة عليه أن ينقض عهده ويتركها.

وهذا كثير جدا: أعرف كاتبة في القسم الشرقي من جامعة (بن) كانت في قلبها غصة لا تفارقها أبدا, وذلك أن رجلا عاهدها على التزوج، وبقي معها أربع عشرة سنة يعيش معها كما يعيش الزوج مع زوجته، أي يجتمع بها في أوقات فراغهما، ويخالطها كما يخالط الرجل زوجته، لا أنه ينفق عليها شيئا أو يتعاونان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015