تنقسم نصوص الصفات الواردة في الكتاب والسنة إلى قسمين: واضح جلي، ومشكل خفي, فالواضح ما اتضح لفظه ومعناه، فيجب الإيمان به لفظا، وإثبات معناه حقا بلا رد ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل؛ لأن الشرع ورد به فوجب الإيمان به، وتلقيه بالقبول والتسليم.
وأما المشكل فهو ما لم يتضح معناه؛ لإجمال في دلالته، أو قصر في فهم قارئه فيجب إثبات لفظه؛ لورود الشرع به، والتوقف في معناه، وترك التعرض له؛ لأنه مشكل لا يمكن الحكم عليه، فنرد علمه إلى الله ورسوله.
وقد انقسم طريق الناس في هذا المشكل إلى طريقين: الطريق الأول: طريقة الراسخين في العلم الذين آمنوا بالمحكم والمتشابه وقالوا: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (?) وتركوا التعرض لما لا يمكنهم الوصول إلى معرفته والإحاطة به؛ تعظيما لله ورسوله، وتأدبا مع النصوص الشرعية، وهم الذين أثنى الله عليهم بقوله: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} (?) .
الطريقة الثانية: طريقة الزائغين الذين اتبعوا المتشابه؛ طلبا للفتنة، وصدا للناس عن دينهم وعن طريقة السلف الصالح، فحاولوا تأويل هذا المتشابه إلى ما يريدون لا إلى ما يريده الله ورسوله، وضربوا نصوص الكتاب والسنة بعضها ببعض، وحاولوا الطعن في دلالتها بالمعارضة والنقض؛ ليشككوا المسلمين في دلالتها، ويعموهم عن هدايتها، وهؤلاء الذين ذمهم الله بقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (?) .