الشيخ: قول المؤلف رحمه الله يكره البناء على القبر إن أراد بالكراهة كراهة التحريم فهذا حق وإن أراد بذلك كراهة التنزيه فهذا ضعيف والصواب أن البناء على القبور حرام ولا يجوز أولاً إن كان في مسبلة يعني في مقبرة مسبلة فإنه سوف يأخذ من الأرض هذه أكثر مما يحتاج وإن كان في مقبرة ملكاً له فإنه يخشى من تعظيمه والصلاة عنده وما أشبه ذلك فالصواب أن البناء على القبر محرم وكذلك تجصيصه حرام بأن يجصص التراب الذي على القبر والظاهر أيضاً أن تجصيص اللحد من هذا النوع يعني لو جصص اللحد فإنه يحرم لأن هذا إضاعة مال ومن زينة الدنيا وكذلك الكتابة عليه أيضاً حرام ولا يجوز أن يكتب على القبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الكتابة عليه في سياق البناء والتجصيص ولا دليل على إخراج الكتابة من التحريم لكن قال بعض مشايخنا إن المراد بالكتابة التي نهى عنها الرسول عليه الصلاة والسلام ما كانوا يفعلونه في الجاهلية يكتب على القبر هذا فلان ابن فلان وتذكر محاسنه وأما مجرد أن أكتب اسمه فقط للدلالة عليه فهذا لا بأس به وهذا القول جيد بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن الكتابة بماذا؟ بالبناء والتجصيص الذي يكون به المغالاة في الميت وقبره وقوله (أن يقعد عليه) أيضا ظاهر كلام المؤلف رحمه الله أن النهي للكراهة والصواب أنه للتحريم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده أو قال جسمه خير من أن يجلس على القبر) وهذا يدل على تحريم أن الإنسان يجلس على القبر وانظر إلى هذا الحديث يتبين لك أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو في القبور وعن إهانة القبور والدين الإسلامي وسط بين التفريط والإفراط فالبناء على القبور غلو في التعظيم والجلوس على القبور مهانة لصاحب القبر فجمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين هذا وهذا من أجل أن يكون الإنسان مستقيماً على العدل لا هذا ولا هذا.