القارئ: وإذا سبقها فجلس لم يقف عند مجيئها وإن مرت به جنازة لم يستحب له القيام وعنه يستحب لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى تَخْلُفُه) رواه مسلم والأول أولى لقول علي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد رواه مسلم وهذا ناسخ للأول.
الشيخ: وهذا الذي اختاره المؤلف رحمه الله خلاف الصواب فالصواب أنه يقوم لها إذا مرت به وقعود النبي عليه الصلاة والسلام يحمل على بيان الجواز ليتبين أن الأمر في الأول ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب فيبقى السنة أن يقوم لها وفي القيام لها من الاتعاظ وحضور القلب ما ليس في البقاء جالساً غير مبال بها وقد قام النبي عليه الصلاة والسلام لجنازة يهودي فقال (إن للموت فزعاً) فالصواب استحباب القيام وأما قعود الرسول عليه الصلاة والسلام فهو لبيان الجواز على أنه لا ينبغي أن يصار إلى النسخ بمثل هذا لأنه قد يقول قائل تعارض فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله والمقدم قوله وهذا هو الحق يعني لو فرض التعارض من كل وجه لأخذنا بقوله لكن التعارض في هذا ليس بوارد إطلاقاً إذ يمكن حمل القعود على بيان الجواز والخلاصة الآن أنه ينبغي للإنسان إذا مرت به الجنازة وهو قاعد أن يقوم حتى تمر من عنده وتُخَلِّفُه.
القارئ: فأما من مع الجنازة فيكره أن يجلس حتى توضع عن الأعناق لما روى أبو سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع) رواه البخاري ومسلم وفي لفظ حتى توضع في الأرض رواه أبو داود.
الشيخ: وهذا يبين أن الوضع المراد به الوضع في الأرض وليس المراد الوضع في القبر ثم إن الفقهاء رحمهم الله قالوا أن توضع في الأرض للدفن فلو فرض أنها وضعت لإصلاح الجنازة على النعش أو أنها وضعت لتعب الحاملين فلا يدخل في هذا يعني يبقى النهي ممتداً إلى أن توضع في الأرض للدفن.