الشيخ: هذا الحديث ليس على عمومه لا يرفع يديه في شيء من الدعاء بل هو محمول على أحد أمرين إما أن المعنى لا يرفع يديه في شيء من الدعاء يعني في حال الخطبة وإما أن المراد لا يرفع يديه رفعاً كثيراً إلا في الاستسقاء وكلا الوجهين صحيح وحينئذٍ لا نحتاج إلى أن يقال إن هذا الحديث يعارضه أحاديث كثيرة تزيد على الثلاثين ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في الدعاء نقول لا حاجة وليس هناك تعارض بل يحمل على أحد أمرين هما أن المعنى لا يرفع يديه في الدعاء حال الخطبة إلا في الاستسقاء ولهذا أنكر الصحابة رضي الله عنهم على بشر بن مروان لما رفع يديه في الخطبة في غير الاستسقاء أو يقال لا يرفع يديه رفعاً يبالغ فيه إلا في الاستسقاء.

القارئ: فإن سقوا قبل الصلاة صلوا وشكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله وإن صلوا ولم يسقوا عادوا في اليوم الثاني والثالث لأن الله يحب الملحين في الدعاء.

الشيخ: أما قوله فْإن سقوا قبل الصلاة فإنهم يصلونها شكراً لله فهذا غلط لا وجه له لأن صلاة الاستسقاء ليست صلاة شكر بل صلاة رهبة ودعاء وإزالة شدة فإذا سقوا قبل الخروج فإنهم لا يخرجون وإن سقوا في أثناء الخروج يعني لما وصلوا إلى المصلى نزل المطر فهنا يحتمل أن يقال يصلون لأن ابتداء المجيء إلى الصلاة كان السبب موجوداً ويحتمل أن يقال لا يصلون بل يقول لهم الإمام انصرفوا فقد سقانا الله تعالى وما ذكر عن سليمان عليه الصلاة والسلام وإن كان ضعيفاً أنه خرج يستسقي فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوامها للسماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا رزقك قال ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم هذا الأثر فيه ضعف كثير فيه مقال لكن إن صح فهو أصل لما ذكرنا أنهم إذا سقوا قبل أن يخرجوا فلا يخرجون وإن سقوا بعد الخروج فيحتمل أن يصلوا ويحتمل أن لا يصلوا وهو الأقرب.

فصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015