والفائدة الثالثة أنها سنة مؤكدة والسنة المؤكدة أقوى من السنة المطلقة وقد اصطلح الحنفيون أصحاب أبي حنيفة على تسمية الواجب بالسنة المؤكدة فإذا قالوا سنة مؤكدة فهي بمعنى واجبة لكن عند الحنابلة وأكثر الأصوليين أن السنة المؤكدة هي التي يطلب فعلها بالتأكيد والصحيح أن صلاة الكسوف واجبة ودليل الوجوب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج فزعاً يجر رداءه وأمر بالصلاة حتى قال (الصلاة جامعة) واجتمع الناس كلهم وصلى تلك الصلاة الطويلة وعرض عليه ما عرض من آيات الله عز وجل من الجنة والنار وأمر في بعض ألفاظ الحديث بالفزع إلى الصلاة كأن عدواً أغار على المسلمين ففزعوا لدفعه وأمر بالصدقة والاستغفار والتكبير والعتق وكل هذه القرائن تدل على أن صلاتها واجبة وعلى الأقل أن نقول إنها فرض كفاية لا فرض عين أما أن يحصل الكسوف أو الخسوف ويبقى الناس في دنياهم بيعاً وشراءً وتمتعاً وترفهاً وكأن شيئاً لم يكن فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم المبالاة وعدم انصياع الناس إلى تخويف الله عز وجل فالصحيح أنها فرض وأقل ما نقول إنها فرض كفاية فإن قال قائل أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر الصلوات الخمس للأعرابي وقال هل علي غيرها قال (لا إلا أن تطوع) قلنا بلى لكن مراد النبي عليه الصلاة والسلام بذلك الصلاة اليومية المتكررة أما الصلاة التي لها سبب فهذه مقرونة بأسبابها.
القارئ: لما روى أبو مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم).