الشيخ: هذه المسائل إن وقف المأمومون قدام الإمام لم تصح صلاتهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إنما جعل الإمام ليؤتم به) وقد عرفتم مأخذ الدليل وإن وقف الواحد خلف الصف لم تصح صلاته لحديث وابصة بن معبد وعلي بن شيبان ولكن إذا لم يكن هناك عذر بأن صلى وحده خلف الصف مع إمكان أن يكون في الصف فهذا موضع خلاف بين العلماء:
الأئمة الثلاثة الشافعي ومالك وأبو حنيفة ونصف مذهب الأمام أحمد على أن الصلاة صحيحة ولو لغير عذر وحملوا قوله (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) على نفي الكمال، والمذهب المشهور عند أصحاب الإمام أحمد أن الصلاة لا تصح مطلقاً لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا صلاة لفرد خلف الصف) وهذا عام يشمل من أمكنه المصافة ومن لم تمكنه.
والقول الثالث الوسط في هذه المسألة وهو أنه إن تعذر وقوفه في الصف لاستكمال الصف صحت صلاته وإلا فلا وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وشيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمهما الله وهو الصحيح فإذا جئت والصف تام فلا بأس أن تصلي وحدك لأنك معذور حيث لا تجد مكاناً فإن قال إنسان يمكن أن يجتذب واحداً من الصف ليكون معه قلنا لكن هذا لا يجوز:
أولاً لأنه تصرف في الغير بغير حق.
وثانياً جناية على الغير لأنه سوف يرجعه من الفاضل إلى المفضول.
وثالثاً أنه يوجب أن يقع في الصف خلل وفرجة وهذه الفرجة سوف يأتي الناس شيئاً فشيئاً ليسدوها فيلزم من هذا أن يتحرك الصف كله وهذا لا داعي له.
ومنها أنه ربما يشوش على هذا المصلي حتى يخبطه من ورائه ما هذا الذي جرني؟ فربما يخبطه ويضره لذلك نقول لا يجوز أن يجتذب أحداً فإن قال قائل إذاً دعوه يتقدم ليكون مع الإمام قلنا وهذا أيضاً فيه محاذير:
المحذور الأول مخالفة السنة بانفراد الإمام في مكانه لأن السنة أن ينفرد الإمام في مكانه لا يكون معه أحد.
ثانياً يلزم منه في الغالب تخطي الرقاب إنه يريد أن يمشي إذا كان مثلا قبله عشرة صفوف.