القارئ: فإن استويا في القراءة فأولاهما أفقههما للخبر ولأن الفقه يحتاج إليه في الصلاة فأشبه القراءة وإن استويا في ذلك فأولاهما أقدمهما هجرة وهو المهاجر من دار الكفر إلى دار الإسلام فإن استويا في ذلك فأكبرهما سنا للخبر ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث (إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما) حديث صحيح ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء ويرجح بتقدم الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم (أقدمهم سلما) ولأنه إذا رجح بتقدم السن فالإسلام أولى فإن استويا في ذلك قدم أشرفهما نسبا وأفضلهما في أنفسهما وأعلاهما قدرا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (قدموا قريشاً ولا تقدموها) هذا ظاهر كلام أحمد وقال الخرقي إذا استويا في الفقه قدم أكبرهما سنا فإن استويا فأقدمهما هجرة وقال ابن حامد يقدم الشرف بعد الفقه ثم الهجرة ثم السن فإن استووا قدم أتقاهم وأورعهم لقول الله تعالى (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ولأنه أقربهم إلى الإجابة.
الشيخ: وما أشار إليه رحمه الله في التقديم بشرف النسب فيه نظر لأن هذا يقتضي أو يستلزم التفاخر بالأنساب لكن لو قيل إذا استووا في الصفات المذكورة في الحديث فيقدم أكثرهما مروءة وأحسنهما أدباً وما أشبه ذلك من الصفات المرغوبة المحبوبة لأنه إذا تقدم مثل هذا أحبه الجماعة الذين وراءه وأصل مشروعية الجماعة من جملة حكمها أنها سبب للألفة هذا هذا هو الصحيح ولهذا لو أننا اجتمعنا ووجدنا أن القوم تساووا في جميع الصفات المطلوبة لكن أحدهما من القبائل الشريفة المشهورة إلا أنه نكد فظ القول غليظ القلب عبوس الوجه لا يكاد يضحك أيضاً ويوجد أحد من الموالي لكنه طيب القلب منشرح الصدر منبسط الوجه وسألت الحاضرين أيهما أحب إليكم لقالوا الثاني إذاً مثل هذا يقدم حتى يأتلف الناس عليه والله أعلم.