القارئ: فإن صلوا قياماً ففيه وجهان أحدهما لا تصح للنهي عنه والثاني تصح لأن القيام هو الأصل وقد أتوا به.
الشيخ: لكن هذا التعليل لأن القيام هو الأصل وقد أتوا به هذا التعليل معارض بأن هذا أصل أبطلته السنة.
القارئ: فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فجلس أتموا قياما لأن عائشة قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (مروا أبا بكر فليصل بالناس) فلما دخل أبو بكر في الصلاة خرج النبي صلى الله عليه وسلم فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر متفق عليه فأتموا قياما لابتدائهم إياها قياماً.
الشيخ: هذا التخريج هو الصحيح يعني تخريج فعل النبي عليه الصلاة والسلام في آخر حياته حيث صلى قاعداً والناس خلفه قيام هذا التخريج الذي ذكره المؤلف هو المتعين لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في أثناء الصلاة وقد ابتدؤوها قياماً فلزم أن يتموها قياماً وإنما قلنا هذا هو المتعين لنجمع بينه وبين قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) فيقال يصلون قعوداً ما لم يبتدئ بهم الصلاة قائماً فإن ابتدأ بهم الصلاة قائماً ثم اعتل فإنهم يتمون قياماً وذهب الأئمة الثلاثة إلى أن هذا الحديث ناسخ لقوله صلى الله عليه وسلم (صلوا قعوداً) وعللوا ذلك بأن هذا في آخر حياته وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر ولكن يقال إن من شرط النسخ أن لا يمكن الجمع بين النصين فإن أمكن فلا يجوز النسخ لأن النسخ مقتضاه إبطال أحد النصين والجمع مقتضاه العمل بالنصين وما اقتضى العمل بالنصين فهو أولى مما اقتضى إبطال أحد النصين فالصواب هو ما ذكره المؤلف رحمه الله من أن الإمام إذا ابتدأ بهم قاعداً ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قياماً أما إذا ابتدأ بهم الصلاة جالساً فإنهم يصلون جلوساً.