القول الرابع أنها سنة وأن الناس لو تركوا صلاة الجماعة لم يأثموا وهذا قول ضعيف جداً وليس هو مذهب الشافعي كما يذكر وأقصد أنه ليس مذهب الشافعي المذهب الشخصي لأنه قال لا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة أن يتركها بلا عذر ومثل هذه العبارة تدل على أنه يرى وجوبها كما هو القول الراجح فالحاصل الآن أن القول الراجح من أقوال العلماء في صلاة الجماعة أنها واجبة وأنها فرض عين على الرجال لكل صلاة مكتوبة والدليل على هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ثم آمر بالصلاة ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) متفق عليه ووجه الدلالة من الحديث ظاهرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم هَمَّ أن يحرقهم بالنار وحدث أصحابه بذلك ولا يمكن أن يهمَّ بشيء محرم ولا يمكن أن يهم بشيء يُحدِّث به أصحابه وهو سهل والذين قالوا بعدم الوجوب قالوا إن الرسول صلى الله عليه وسلم هَمَّ ولم يفعل فيقال سلمنا ذلك أنه هَمَّ ولم يفعل لكن ما الفائدة من تحديثه الناس بأنه هَمَّ أن يحرق بيوتهم بالنار هل الفائدة التحذير أو الفائدة التقرير وإقرارهم على ترك الجماعة؟ لا شك أنه الأول ولهذا نرى أن هذا الحديث نص في وجوب صلاة الجماعة وليس ظاهراً كما يدل على ذلك أيضاً قول الله تبارك وتعالى (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) فهذه الآية تدل على أن صلاة الجماعة فرض عين وليست فرض كفاية لأنها لو كانت فرض كفاية لاكتفي بالطائفة الأولى فهي فرض عين وإذا كانت الجماعة واجبة في