الشيخ: إذاً الأكل والشرب ذكر المؤلف رحمه الله أنهما مبطلان للصلاة وهذا صحيح أولاً لأنهما يحتاجان إلى عمل كثير في الغالب وثانياً أنهما ينافيان الصلاة تماماً ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لا صلاة بحضرة طعام) ولو كان الأكل لا يبطل الصلاة لقلنا كل وأنت تصلي فلما قال (لا صلاة بحضرة طعام) علم أن الأكل يبطل الصلاة وهو واضح لكن اليسير من الأكل مثل إنسان معه حمصة وهو يصلي فأكلها أو فنجال شاي مثلاً بقي نصفه وخاف يبرد عليه قبل يسلم وشربه فهل يبطلها أو لا؟ يقول وعنه لا يبطلها اليسير أي لا يبطل النافلة وأما الفريضة فيبطلها اليسير والكثير وفصّل بعضهم مفرقاً بين الأكل والشرب فقال الأكل مبطل للصلاة فرضها ونفلها كثيره وقليله وأما الشرب فيسيره لا يبطل النفل ويبطل الفرض وهذا هو المشهور عند المتأخرين من الحنابلة وفرقوا بينهما بأنه روي عن الزبير بن العوام أو عبد الله بن الزبير أنه كان يشرب في النافلة وبأن النافلة أخف حكماً من الفريضة وبأن النافلة قد تطول فيحتاج الإنسان إلى الشرب اليسير فيها ولا سيما في أيام الصيف والذي يظهر أنه لا فرق بين الصلاتين الفريضة والنافلة لأن ما أبطل الفريضة أبطل النافلة إذ أن الأصل تساويهما في الأحكام ولكن قد يقال إن الشيء اليسير الذي لا ينافي الصلاة لا يبطلها إذا كان سهواً لأنه عمل يسير ولم يخرج الصلاة عن هيئتها وحقيقتها ووقع سهواً فعلى هذا القول يفرق بين اليسير والكثير والسهو والعمد.
القارئ: ومن ترك في فيه ما يذوب كالسكر وابتلع ما يذوب منه فهو أكل وإن بقي في فمه أو بين أسنانه يسير من بقايا الطعام يجري به الريح فابتلعه لم تفسد صلاته لأنه لا يمكنه التحرز منه وإن ترك في فيه لقمة لم يبلعها لم تبطل صلاته لأنه عمل يسير ويكره لأنه يشغل عن خشوعها وقراءتها فإن لاكها فهو كالعمل إن كثر أبطل وإلا فلا.