الوجه الأول أن الأصحاب الذين استثنوا هذا قالوا إلا لمتشاغل بشرطها الذي يحصله قريباً مثل لو كان معه ثوب يخيطه فتضايق عليه الوقت وليس عنده إلا هذا الثوب فهل ينتظر حتى تتم خياطته ثم يصلي بعد الوقت أو يصلي في الوقت عرياناً؟ الصواب أنه يصلي في الوقت عرياناً لأن الوقت مقدم على كل شيء إلا إذا كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها فهنا تدخل في المسألة الأخيرة قال ومن أراد الجمع لعذر فصار في كلام المؤلف قادر على فعلها متشاغل بتحقيق شرطها هذا كله فيه نظر.
الوجه الثاني أن هذا الاستثناء غير صحيح بل نقول صلِّ الصلاة لوقتها إن تمت شروطها فذاك وإن لم تتم فما استطعت فافعل وما لم تستطع يسقط عنك.
القارئ: فإن جحد وجوبها كفر لأنه كذب الله تعالى في خبره.
الشيخ: خبره في قوله تعالى (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) أي مفروضة.
فيكون كذب الله في خبره هذا وجه والثاني أنه أنكر ما يعلم بالضرورة من دين الإسلام فإن وجوب الصلاة أمر معلوم بالضرورة من دين الإسلام كمن أنكر تحريم الزنا مثلاً وهل يستثنى من ذلك شيء؟ نعم يستثنى من عاش في مكان بعيد ومن كان حديث عهد بإسلام ويجهل وجوب الصلاة فهذا إذا أنكر فلا شيء عليه ولا يقتل عمر رضي الله عنه أنكر آية من القرآن لأنه لم يعلم بها في قصة الرجل الذي سمعه يقرأ سورة الفرقان بغير ما كان الرسول أقرأها عمر فأمسكه وأنكر عليه وقال هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال أقرأها فقال نعم هكذا أنزلت فالمهم أن من أنكر الشيء لجهله به فإنه لا يكفر.