القارئ: ومعناه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة وهو مستحب لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية) رواه مسلم.
الشيخ: قوله (الوقف) مصدر وَقَفَ أي جعل الشيء واقفاً أما مصدر وُقُوف فالمراد به ضد المشي ولهذا تقول وَقَفَ وقوفاً يعني لم يتقدم في مشيه ووَقَفَ وَقْفاً يعني جعل الشيء موقوفاً وقوله (تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة) نقول أما الشطر الأول من التعريف وهو (تحبيس الأصل) أي المنع من التصرف فيه فهذا صحيح وأما قوله (تسبيل الثمرة) يعني إطلاقها فهذا تعبير ناقص لأن هذا لا يكون إلا في النخيل والزروع وما أشبهها لكن لا يكون في العقارات التي تؤجر ولهذا عبَّر بعضهم بقوله هو (تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة) فيكون أعم ولو قلنا (المنفعة والثمرة) لكان أوضح أيضاً ومثال الوقف إنسان عنده بيت فقال هذا وَقْفٌ على الفقراء فلا يمكن التصرف فيه لا ببيع ولا هبة ولا رهن ولا غير ذلك وتكون أجرة البيت مُسَبَّلة أي مطلقة تُصْرفُ للفقراء ويفعلون بها ما شاؤا أما قوله (وهو متسحب) فنعم هو مستحب إذا كان في صدقة يعني وَقَّفَ بيته للفقراء أو لطلبة العلم أو للغرباء فهذا واضح أنه مستحب لأنه إحسان فيدخل في الحديث (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية) وهذا من القسم الثالث لأنه صدقة جارية، وقوله (علم ينتفع به) هذا يشمل العلم الشرعي والمُسنِد للعلم الشرعي كعلم النحو والبلاغة وأما أشبه ذلك أما العلم المادي فينظر إذا كان فيه مصلحة انتفع الإنسان به وإن لم يكن فيه مصلحة فلا ثواب فيه، وقوله (أو لد صالح يدعو له) الترتيب في هذه الرواية خلاف المشهور ومعنى (ولد صالح يدعو له) أي لأبيه أو أمه ولم يقل يجعل له صدقة أو يصوم أو يحج أو يعتمر لأن الدعاء للوالدين أفضل من أن توقف لهما شيئاً والثالث قال (أو صدقة جارية) وهي الوقف فهو صدقة جارية مستمرة.