الشيخ: صورة المسألة إذا كان أناس لهم أملاك على جانب الوادي فالسابق بالإحياء أحق من غيره فيسقي ما زرعه حتى يصل إلى الكعب أي أنه يجعل سداً في طريق الوادي حتى يسقي زرعه فإذا وصل إلى الكعب أطلقت الماء للذي بعده هكذا حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي قصة الأنصاري رضي الله عنه وعفا عنه قال للنبي عليه الصلاة والسلام (أن كان ابن عمتك) يقصد الزبير بن العوام لأنه ابن صفية بنت عبد المطلب فهو ابن عمته فكأنه يقول إنك حكمت له لأنه ابن عمتك وهذه كلمة عظيمة فيها اتهام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حكمه ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عامله بما تقتضيه حاله فإن الرجل غضب والإنسان إذا غضب لا يدري ما يقول لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فلا يعي ما يقول ولهذا إذا كان الغضب شديداً لم يترتب على قول الغاضب شيء لا طلاق ولا فسق ولا كفر لأنه غير مُرِيد فهو كالمُلجَأ والمُكْرَه وأما حكم النبي صلى الله عليه وسلم الثاني فقيل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أذن للزبير في الأول أن يسقي السقي الكافي ولو لم يصل إلى الكعب ثم لما قال الأنصاري هذا الكلام احتفظ للزبير بحقه وجعله يسقي حتى يصل إلى الكعب كأنه في الأول عليه الصلاة والسلام حابا الأنصاري لأن الزبير ابن عمته ومن باب الإدلال عليه فأمره أن يسقي دون أن يرتفع الماء فلما قال الأنصاري هذا احتفظ النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بحقه وأمره أن يسقي إلي الكعب والجدر المذكور في حديث الزبير هي الفواصل التي تُجعل بين حياض الماء وقد قاسوه فوجدوه يصل إلى الكعب كما في الحديث الأول الذي في الموطأ.
القارئ: فإن أراد إنسان إحياء أرض على النهر بحيث إذا سقاها يستضر أهل الأرض الشاربة منه منع منه لأن من ملك أرضاً كانت له حقوقها ومرافقها واستحقاق السقي من هذا النهر من حقوقها فلا يملك غيره إبطاله