فإذا تمت هذه الشروط الثلاثة جاز الحِمَى وإلا فلا يجوز وبهذا نعرف نظر الشريعة إلى المصالح العامة أكثر من نظرها إلى المصالح الخاصة وهذا كما هو الثابت في شرع الله فهو الثابت في قدر الله فمراعاة المصالح العامة شرعاً وقدراً ظاهر جداً ففي الشريعة كما عرفنا أن مراعاة المصالح العامة مقدم فيمنع من إحداث ضرر في الطريق أو من التضييق على المسلمين ومن الحمى إلا بهذه الشروط الثلاثة، وكذلك في القدر فقد يُنْزِلُ الله أمطاراً عظيمة والإنسان الذي قد يَصُّبُ عليه السقف فيضره الماء ضرراً بيِّناً، لكن هل نقول هذا الضرر الجزئي بالنسبة للمصالح العامة تكون الحكمة في منع المطر أو في وجوده؟ الجواب في وجود المطر ولا شك.

القارئ: وما حماه النبي صلى الله عليه وسلم فليس لأحد نقضه ولا يملك بالإحياء لأن ما حماه النبي صلى الله عليه وسلم نص فلم يجز نقضه بالاجتهاد وما حماه غيره من الأئمة جاز لغيره من الأئمة تغييره في أحد الوجهين وفي الآخر ليس له ذلك لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد والأول أولى لأن الاجتهاد في حماها في تلك المدة دون غيرها ولهذا ملك الحامي لها تغييرها.

الشيخ: قوله (لأن الاجتهاد في حماها في تلك المدة دون غيرها) نقول وأيضاً ربما تتغير المصالح فقد يحميه الإمام الأول لمصلحة ثم تكون المصلحة أن يُحْمَى غيره من جهة أخرى فالصواب أن ما حماه غير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فللإمام الثاني أن يغيره لأن الحِمَى تبع للمصلحة وحمى الأول إياه من باب الاجتهاد والاجتهاد يتغير أما ما حماه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه يبقى لأن حِمَاُه إياه صلى الله عليه وسلم كالحكم به وحكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينقض.

القارئ: وإن أحياه إنسان ملكه لأن حمى الأئمة اجتهاد وملك الأرض بإحيائها نص فيقدم على الاجتهاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015