القارئ: ومن سبق إلى معدن ظاهر وهو الذي يوصل إلى ما فيه من غير مؤونة كالماء والملح والنفط أو باطن لا يوصل إلى ما فيه إلا بالعمل كمعادن الذهب والحديد كان أحق به للخبر فإن أقام بعد قضاء حاجته منع منه لأنه يضيق على الناس بغير نفع فأشبه الوقوف في مشرعة ماء لا يستقي منها وإن طال مقامه للأخذ ففيه وجهان أحدهما لا يمنع لأنه سبق فكان أحق كحالة الابتداء والثاني يمنع لأنه يضر كالمتحجر فإن سبق إليه اثنان يضيق المكان عنهما أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه وقال بعض أصحابنا إن كانا يأخذان للتجارة هايأه الإمام بينهما.
الشيخ: (هايأه) يعني قال لأحدهما لك يوم الأحد مثلاً وللثاني يوم الاثنين فيقسم بينهما بالزمن هذا معنى المهايأة.
القارئ: وإن كانا يأخذان للحاجة ففيه أربعة أوجه أحدها يُهَايأ بينهما والثاني يقرع بينهما والثالث يقدم الإمام من يرى منهما والرابع ينصب الإمام من يأخذ لهما ويقسم بينهما.
فصل
القارئ: ومن شرع في حفر معدن ولم يبلغ النيل به فهو أحق به كالشارع في الإحياء ولا يملكه وإن بلغ النيل لأن الإحياء العمارة وهذا تخريب فلا يملك به ولأنه يحتاج في كل جزء إلى عمل فلا يملك منه إلا ما أخذ لكن يكون أحق به مادام يأخذ وإن حفره إنسان من جانب آخر فوصل إلى النيل لم يكن له منعه لأنه لم يملكه.
السائل: ما معنى (النَّيْل)؟
الشيخ: (النَّيْل) الظاهر أنه العمق الذي فيه المعدن.
فصل
القارئ: ويجوز الارتفاق بالقعود في الرحاب والشوارع والطرق والواسعة للبيع الشراء لاتفاق أهل الأمصار عليه من غير إنكار ولأنه ارتفاق بمباح من غير إضرار فلا يمنع منه كالاجتياز ومن سبق إليه كان أحق به لقول النبي صلى الله عليه وسلم (منى مناخ من سبق) وله أن يظلل عليه بما لا يضر بالمارة لأن الحاجة تدعو إليه من غير ضرر بغيره وليس له أن يبني دكة ولا غيرها لأنها تضيق ويعثر بها العابر.