الشيخ: الرواية الأخيرة عن أحمد هي الصحيحة لعموم قوله (في كل ما لم يقسم) أي الشفعة فيما لم يقسم و (ما) اسم موصول والأسماء الموصولة تفيد العموم ولأن الضرر في غير الأرض حاصل بالنسبة للشريك، أرأيت لو أن رجلين اشتركا في سيارة فباع أحدهما نصيبه من هذه السيارة على رجل سيء الخُلُق أيتضرر الشريك أو لا يتضرر؟ الجواب يتضرر فالضرر حاصل في الأرض وفيما يُنْقَل فالصواب أن الحديث عام وأن كل شيء فيه شفعة حتى لو كان بينك وبين شخص قلم وباع نصيبه من القلم فلك أن تُشَفِّعَ على القول الراجح أو كان بينكما كتاب مثلاً فباع نصيبه منه فلك أن تُشَفِّعَ لأن الضرر حاصلٌ بهذا كما يَحْصُلُ في الأرض، وأما قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) فهذا الحكم ينطبق على بعض أفراد العموم ولا يقتضي التخصيص إذا قلنا فيما لم يقسم من كل شيء فالسيارات وما أشبهها من المنقولات ليس فيها طرق ولا حدود والأرض فيها طرق وحدود وتفريع حكم يتعلق ببعض العام لا يقتضي التخصيص كما قال العلماء في قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) فكلمة (بعولتهن) تقتضي أن من لا رجعة لها لا تتربص ثلاثة قروء مع أنَّ لفظ (المطلقات) عام لكن العلماء قالوا إن المطلقة عليها العدة سواءٌ كان زوجها له المراجعة أو لا، وعليه فالصواب أن الشفعة ثابتة في كل مشترك من الأراضي والنخيل والزروع وغيرها.
فصل