الشيخ: هذا فصل مهم فالأشياء التي لا تقع إلا قربة ويشترط أن يكون فاعلها مسلماً هل يصح أخذ الأجرة عليها أو لا؟ الجواب إذا كان نفعها متعد فلا بأس وإن كان غير متعد فلا، فلو قال شخص لآخر استأجرني لأصلِّ لك فهنا لا يصح لأن الصلاة لا تكون للغير، وأما إذا كان نفعاً متعدياً كتعليم القرآن والآذان والحج ففي ذلك روايتان عن أحمد رحمه الله رواية أنه لا بأس به واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله) ولأن هذا المستأجر عمل عملاً يحتاج إلى الأجرة عليه، وأما إذا أردتُ أن أستأجر رجلاً يقرأ القرآن ويكون ثوابه لي فإنه لا يجوز لأن قراءة القرآن لا تقع إلا قربة وبهذا نعرف ضلالة هؤلاء القوم الذين يستأجرون القراء أيام موت القريب من أجل أن يقرؤوا فإن هذا محرم من وجهين الوجه الأول أنهم أغروا هذا القارئ أن يقرأ بعوض والوجه الثاني إضاعة المال لأن هذا القارئ لا ثواب له وإذا لم يكن له ثواب لم ينتفع الميت بذلك فالميت لا ينتفع بالفلوس وإنما ينتفع بالثواب وهذا القارئ ليس له ثواب فيكون ذلك من باب إضاعة المال، ولكن لو أتينا إلى شخص وقلنا أقرأ على هذا اللديغ فقال لا أقرأ إلا بكذا فهل يجوز هذا أو لا؟ الجواب يجوز لأن نفعه متعد وهذا قد وقع من الصحابة رضي الله عنهم وأقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين بعث بعثاً فنزلوا على قوم فاستضافوهم ولكن القوم كانوا بخلاء قالوا ارجعوا وراءكم ما عندنا لكم ضيافة فتنحوا ناحية وسلط الله على سيدهم عقرباً فلدغته وكانت شديدة فجعل الرجل يتقلب كأنه في مقلاة فقالوا اسألوا هؤلاء القوم لعل فيهم قارئاً يقرأ فجاءوا إلى الصحابة فقالوا هل فيكم من راق فإن سيدنا قد لُدِغَ قالوا نعم فينا راقٍ لكن لا يقرأ إلا بكذا وكذا من الغنم فقالوا نعطيكم ما شئتم فذهبوا وجعل أحدهم يقرأ على هذا اللديغ بسورة الفاتحة حتى قام كأنما نَشِطَ من عقال، فالأمر بيد