ثالثاً: أن الله عز وجل أجاز أن تستأجر المرأة لتُرْضِع الطفل فقال الله تعالى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) وأيُّ فرق بين لبن المرأة ولبن الشاة لكن الفقهاء قالوا لأن حرمة الآدمي أعظم ولو منعنا استئجار المرأة _ وتسمى الظئر وهي المرضع _ لو منعاه لتلفت بذلك نفس آدمي وهذا ليس كتلف البهيمة، والعجب أن بعض الفقهاء قال إن المعقود عليه في الظئر هو حملها للطفل ووضعه على فخذيها وإلقامه الثدي وهذه منافع وليس المعقود عليه هو اللبن لكن، يقال لهم لو جاءت عجوز قد غار لبنها وقالت أنا سأعمل لهذا الصبي هذا العمل فأضعه على فخذي وألقمه الثدي الذي لن يجد فيه شيئاً وأعطوني أجراً على ذلك فهل ستعطى الأجرة كالظئر أو لا؟ الجواب أننا لا نعطيها ولا شك لأن المعقود عليه في الظئر هو اللبن وهذه الأعمال إنما هي أعمال للوصول إلى استيفاء المنفعة والكل يعرف أن المقصود هو اللبن فنقول إذا جاز الاستئجار في الظئر وهي المرضعة مع أن لبنها يشربه الطفل فكذلك استئجار الحيوان لأخذ لبنه ولا فرق وهذا القول هو الراجح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والقاعدة عندنا أن الأعيان التي يَخلُف بعضها بعضاً يجوز عقد الإجارة عليها، وهنا مسألة وهي استئجار النخل لثمره مثل أن يستأجر شخص هذا الحائط كل سنة بعشرة آلاف والثمر له أي للمستأجر وصاحب النخل ليس له إلا عشرة آلاف فهل يجوز أو لا؟ المؤلف يقول لا يجوز والصحيح أنه جائز لأن هذا يشبه الاستئجار على الرضاعة، ولأن فيه راحة لصاحب البستان وللمستأجر لأن المساقاة على هذا النخل يكون فيها إشكال في التصرف وفي ضمانها وعند القسمة وأما التأجير فليس فيه أي شيء فيقول المستأجر لصاحب البستان استأجرته منك كل عام بعشرة آلاف فأعطيك عشرة آلاف ولي ثمره، وهذه المسألة فيها خلاف فالمذهب أنه لا يجوز لأنه يؤدي إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحه والصحيح أنه جائز وقد فعله أمير المؤمنين عمر