تحريمه وأما ما لم يثبت فإنه يتورع فيقول أكره وعلى هذا فهو يرى تحريم أكل الكراء لمن حمل خنزيراً أو ميتة لنصراني فيرى الإمام أن أكله حرام، ولكن هل يرى أن لا يؤخذ من النصراني شيء؟ الجواب لا بل يرى أنه يطالب بالكراء لأننا لو قلنا لهذا الرجل الكراء عليك حرام يكون النصراني قد كسب وجمع بين العِوضِ والمُعوَّضِ لأن متاعه حمل إليه والأجرة أسقطناها عنه وعلى هذا فنوجه هذه الرواية بأن يُأخذ الكراء من هذا النصراني ولكن لا يأكله بل يتصدق به وهذا التوجيه متمشي على القواعد الشريعة لأن تركه للنصراني يكون جمعاً له بين العوض والمُعوَّض ثم فيه سخرية من النصراني بأن يلعب على ذقون المسلمين فنأخذ منه الأجرة ونقول للرجل الذي حمل الخنزير والميتة هذا لا يطيب لك لأنه عوض منفعة محرمة وعليك أن تتصدق به وكذلك أيضاً نقول مثل هذا في الربا إنسان مثلاً أعطى البنك مائة ألف على أن يعطيه في كل مائة عشرة ريالات ثم تاب فهل نقول لا تأخذ من البنك شيئاً؟ الجواب لا، بل نقول خذ منه لكن لا تحل لك لأنها أُخِذت بكسب محرم بل تصدَّقْ بها، ثم هل تقبل الصدقة من الربا؟ الجواب نقول نعم تقبل للتخلص منه فتقبل منه التوبة لا الصدقة لأنه لم يملكه حتى يتصدق به والمهم أن الرواية عن الإمام أحمد متمشية تماماً على القواعد الشرعية وعليه فنقول لو حمل خمراً لشخص فإنه لا يجوز لكن يقضى له بالأجرة ويتصدق بها، وأما حمل القاضي رحمه الله هذا على أنه استأجره ليريقها فهذا لو فُرِضَ أي أنه استأجره ليريقها فإن الإجارة صحيحة والأجرة حلال لأن هذا استئجار لإتلافها لا لشربها لكن هذا الحمل من القاضي عفا الله عنه بعيد جداً من مراد الإمام أحمد رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015