الشيخ: قوله (المُفَلَّسُ) يعني الذي حكم بتفليسه بفتح اللام.
القارئ: وإن جنى المفلس جناية توجب مالاً لزمه وشارك صاحبه الغرماء لأنه حق ثبت بغير رضى مستحقه فوجب قضاؤه من المال كجناية عبده وإن ثبت عليه حق بسبب قبل الفلس ببينة شارك صاحبه الغرماء لأنه غريم قديم فهو كغيره.
فصل
القارئ: الحكم الثاني أنه يتعلق حقوق الغرماء بعين ماله فليس لبعضهم الاختصاص بشيء منه سوى ما سنذكره ولو قضى المفلس أو الحاكم بعضهم وحده لم يصح لأنهم شركاؤه فلم يجز اختصاصه دونهم ولو جُنِيَ عليه جناية أوجبت مالاً أو ورث مالاً تعلقت حقوقهم به وأن
أوجبت قصاصاً لم يملكوا إجباره على العفو إلى مال لأن فيه ضرر بتفويت القصاص الواجب لحكمة الأحياء.
الشيخ: مثال ذلك هذا الذي حجر عليه جنى عليه جاني وقطع يده عمداً واليد فيها نصف الدية فقال الغرماء اعفوا إلى دية قال لا أنا أريد القصاص وهو إذا أقتص لم يحصل على على مال فهل يلزمونه على أن يعفوا إلى المال؟ لا، لا يلزمونه وذلك لأن الإنسان يريد القصاص للتشفي فلا يتشفى بكونه يأخذ دية.
القارئ: ولا يجبر على قبول هبة ولا صدقة ولا قرض عرض عليه ولا المرأة على التزوج لأن فيه ضرر بلحوق المنة أو التزوج من غير رغبة ولو باع بشرط الخيار لم يجبر على ما فيه الحظ من رد أو إمضاء لأن الفلس يمنعه إحداث العقود لا امضاؤها وليس للغرماء الخيار لأن الخيار لم يشرط لهم وإن وهب هبة بشرط الثواب لزم قبوله لأنه عوض عن مال فلزم قبوله كثمن المبيع ولا يملك إسقاط ثمن مبيع ولا أجرة ولا أخذه رديئاً ولا قبض المسلم فيه دون صفته إلا بإذن الغرماء لما ذكرناه.
الشيخ: الخلاصة أنه لا يجوز أن يتصرف تصرفاً يضر بالغرماء وأما لا يضر بهم فلا بأس لأنه لم يحجر عليه لسفه حتى نقول إن تصرفه غير صحيح وإنما حجر عليه لمصلحة الغرماء فما أضر بهم منع وما لم يضر بهم لم يمنع ولهذا يصح إقراره في ذمته واستدانته في ذمته وما أشبهها.