القارئ: ولا يملك حبسه ولا ملازمته لأنه دين لا يملك المطالبة به فلم يملك به ذلك كالمؤجل فإن كان ذا صنعة ففيه روايتان إحداهما يجبر على إجارة نفسه لما روي أن رجلاً دخل المدينة وذكر أن وراءه مالا فداينه الناس ولم يكن وراءه مال فسماه النبي صلى الله عليه وسلم سرقا وباعه بخمسة أبعرة وروى الدارقطني نحوه وفيه أربعة أبعرة والحر لا يباع فعلم أنه باع منافعه ولأن الإجارة عقد معاوضة فجاز أن يجبر عليه كبيع ماله وإجارة أم ولده والثانية لا يجبر لما روى أبو سعيد أن رجلاً أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (تصدقوا عليه) فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم (خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك) رواه مسلم ولأنه نوع تكسب فلم يجبر عليه كالتجارة.

الشيخ: الرواية الأولى أصح إذا صح الحديث وفيها أيضاً دليل قياس فهذا رجل عليه دين ولكنه قادر على التكسب فهل نجبره أن يتكسب ليقضي دينه؟ الحديث الأول يدل على ذلك لأن الرسول باعه بخمسة أبعرة وهو حر والحر لا يباع فإذا تعذر بيع عينه تعين بيع منافعه وهذا هو الكسب ولأنه قادر على الوفاء بكسبه فلزمه الوفاء به كالقادر على الوفاء بماله ولا فرق وأما الحديث الثاني الذي رواه مسلم فلا يعارضه لأن الجواب عنه سهل فهذه قضية عين يحتمل أن هذا الرجل الذي خسر في بيعاته يحتمل أنه عاجز عن التكسب فلم يجبره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأما قوله (لأنه نوع تكسب فلم يجبر عليه كالتجارة) فيقال التجارة لا يلزم بها إذا كان معسراً وهو قادر وإذا قلنا نعم ففرق بينها وبين المنافع التجارة قد يتجر الإنسان ويخسر فيزداد دينه لكن المنافع هو كسبان على كل حال فهو سيعطى أجرة فالقياس هنا فيه نظر والحديث لا يعارض الحديث الأول والقياس مع الحديث الأول هو أن القادر على الوفاء بكسبه كالقادر على الوفاء بماله ولا فرق.

فصل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015