من البر لأنه إذا أخذ تمراً عوضه أكثر من البر فقد كسب فيما لم يدخل في ضمانه وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن، فإن قال قائل بماذا تجيبون عن حديث (من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)؟ قلنا الحديث إن صح فعلى العين والرأس وإن لم يصح فلا حجة فيه لكن إذا صح فإن معنى قوله (فلا يصرفه إلى غيره) أي في سلم غيره والسياق واضح (من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره) أي إلى سلم غيره لأن هذا لا يمكن أن يصرفه إلا بزيادة وإذا صرفه بزيادة صار هذا فعل الجاهلية إما أن توفي وإما أن تربي مثال ذلك أسلم مائة ريال بمائة صاع وحل الأجل فالواجب على المسلم إليه الآن مائة صاع قال عندك مائة صاع سنصرفه إلى سلم آخر فاجعل المائة ريال التي أعطيتك في مائة صاع رز فهذا لا يجوز لأنه لا يمكن أن يعمل بهذه المعاملة إلا بزيادة لأنه سوف يتأخر التسليم وهو سيأخذ عن هذا التأخير زيادة فيكون هنا أولاً أنه ربح فيما لم يدخل في ضمانه وثانياً أنه يشبه ربا الجاهلية الذي يقولون فيه إما أن تقضي وإما أن تربي والخلاصة أنه إذا صح الحديث فالجواب عنه أي فلا يصرفه إلي سلم آخر لأنه في هذه الحال لابد أن يزيد فيكون داخلاً في الربا من وجه ورابحاً فيما لم يدخل في ضمانه من وجه آخر وكلاهما منهي عنه وأما إذا صرفه في الحاضر قال بدل التمر أعطيك بر أو بدل البر أعطيك تمراً فما المانع وليعلم أن الأصل في البيوع الحل إلا ما قام الدليل على منعه لقوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) فأي صورة من البيع يقول لك فيها إنسان ما إنها حرام فإنك تقول له أين الدليل لكن أي صورة تقول إنها حلال فليس عليك دليل يعني لا تطالب بالدليل لأن الأصل الحل والقاعدة أن كل ما كان الأصل فيه شيئاً معيناً فما خرج عن الأصل فعلى من أخرجه الدليل.