القارئ: الأمر الثاني أن يكون مما لا يختلف فإن جعله إلى الحصاد والجذاذ والموسم لم يصح لأن ابن عباس قال: لا تتبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم ولأن ذلك يختلف ويفرب ويبعد فلم يجز جعله أجلاً كقدوم زيد وعنه أنه قال أرجو أن لا يكون به بأس لأن ابن عمر كان يبتاع إلى العطاء ولأنه لا يتفاوت تفاوتاً كثيرا فإن أسلم إلى العطاء يريد به وقته وكان معلوماً جاز وإن أراد نفس العطاء لم يصح لأنه يختلف.
الشيخ: هذه المسألة في تأجيل السلم بالحصاد والجذاذ فيه روايتان عن الإمام أحمد رحمه الله رواية أنه لا بأس به وراوية أخرى أنه لا يجوز والصواب أنه جائز ولا بأس به لأن وقت الحصاد معلوم والاختلاف فيه يسير ومثل هذا جرت العادة بالتسامح فيه ومثله كذلك قدوم الحجاج في الزمن الأول فإن قدوم الحجاج في الزمن الأول يكون متقارباً أما الآن فإن الحجاج يختلفون اختلافاً كثيراً فلا يصح التأجيل به وأما ما روي عن ابن عباس (لا تبايعوا للحصاد والدياس) فلعله أراد أن يبيع نفس الذي جذ ونفس الذي ديس فيكون النهي مصباً على العين لا على الأجل لأن الفلاح ربما يقول أنا أؤجل السلم حتى أحصد ويعني بذلك أنه يبيع ما حصد أو حتى أحز ويعني بذلك جذاذه وهذا لا شك أنه مجهول أما الحصاد بمعنى وقت الحصاد فالصواب الرواية الثانية عن أحمد أن ذلك جائز وكذلك إذا أسلم إلى العطاء يعني عطاء الديوان ومثله عندنا الآن في الوقت الحاضر الرواتب فهذا لا بأس به لأن الاختلاف فيها يسير أما إذا أراد نفس العطاء فهذا لا يصح لأنه قد يحصل في وقته وقد لا يحصل.
القارئ: الأمر الثالث أن تكون مدة لها وقع في الثمن كالشهر ونصفه ونحوه فأما اليوم ونحوه فلا يصح التأجيل به لأن الأجل إنما اعتبر ليتحقق المرفق ولا يتحقق إلا بمدة طويلة.