القاريء: وفي قدر القلتين روايتان إحداهما أنهما أربعمائة رطل بالعراقي لأنه روي عن ابن جريج ويحي بن عقيل أن القلة تأخذ قربتين وقرب الحجاز كبار تسع كل قربة مائتا رطل فصار القلتان بهذه المقدمات أربعمائة رطل، والثانية هما خمسمائة رطل لأنه يروى عن ابن جريج أنه قال رأيت قلال هجر فرأيت القلة منها تسع قربتين أو قربتين وشيئا فالاحتياط أن يجعل الشيء نصفا فيكونان خمس قرب وهل ذلك تحديد أو تقريب فيه وجهان أظهرهما أنه تقريب فلو نقص رطل أو رطلان لم يؤثر لأن القربة إنما جعلت مائة رطل تقريبا والشيء إنما جعل نصفا احتياطا والغالب أنه يستعمل فيما دون النصف وهذا لا تحديد فيه والثاني أنه تحديد فلو نقص شيئا يسيرا تنجس بالنجاسة لأنا جعلنا ذلك احتياطا وما وجب الاحتياط به صار فرضا كغسل جزء من الرأس مع الوجه
الشيخ: على كل حال هذه المسألة تحديد أو تقريب وهل هي أربعمائة رطل أو خمسمائة رطل كله مبني على صحة حديث القلتين فإذا لم يصحح وقلنا إن مدار نجاسة الماء على تغيره بالنجاسة فإننا نستريح من هذا الخلاف.
فصل
القاريء: وجميع النجاسات في هذا الباب سواء إلا بول الآدميين وعذرتهم المائعة فإن أكثر الروايات عن أحمد أنها تنجس الماء الكثير لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه)) متفق عليه إلا أن يبلغ حدا لا يمكن نزحه كالغدران والمصانع التي بطريق مكة فذلك الذي لا ينجسه شيء لأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الدائم ينصرف إلى ما كان بأرضه على عهده من آبار المدينة ونحوها وعنه أنه كسائر النجاسات لعموم الأحاديث التي ذكرناها ولأن البول كغيره من النجاسات في سائر الأحكام فكذلك في تنجيس الماء وحديث البول لابد من تخصيصه فنخصه بخبر القلتين.