فإن قال قائل يرد عليكم على تقرير هذا الدليل الطواف بالبيت فإنه ركن ومع ذلك لم يكن إلا بعد عرفة وكذلك السعي على القول بركنيته فيقال إن الطواف والسعي تشارك العمرة فيهما الحج يعني ليسا مختصين بالحج لكن الركن المختص بالحج عرفة وما عدا ذلك من الأفعال المختصة بالحج ليست بركن وبهذا ينتفي هذا الإيراد.
وأفاد المؤلف رحمه الله أنه يجوز الدفع منها بعد نصف الليل.
نقول في مناقشة هذا القول أولاً نحتاج إلى دليل بتقييد هذا بنصف الليل دليلهم على ذلك يقولون إن المبيت واجب وإذا بات أكثر الوقت فقد حصل الواجب وبعد منتصف الليل يكون قد أمضى أكثر الليل فيكتفى به ولكننا نقول إن الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الدفع من مزدلفة قبل الفجر كلها تدل على أنه في آخر الليل يعني في السحر وكانت أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما تراقب القمر فإذا غاب دفعت ومعلوم أن القمر لليلة العاشر لا يمكن أن يغيب عند منتصف الليل ولا قريباً منه لا يغيب إلا في الثلث الأخير من الليل وهذا هو القول الراجح أنه لا عبرة بالنصف العبرة بذهاب الثلثين أو نحو ذلك لأن أفعال الصحابة تبين المقصود.