وفيه التحذير من الغلو في الدين والغلو هو الزيادة والزيادة في الدين نقص ولهذا حذر منها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبين أنها سبب للهلاك وقال (إنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) ووجه ذلك ظاهر لأن الغلو خروج عن حدود الله وقد قال الله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا) ولأن الغلو تطرف يستلزم تطرفاً آخر من جانب التفريط فالغلو تطرف في الإفراط ولا بد أن يكون هناك جانب آخر يقابل هذا الجانب فيكون هناك تفريط فإذا انقسمت الأمة إلى مفرِط ومفرّط حصل بذلك الهلاك بالعداوة والبغضاء والتنابز بالألقاب وغير ذلك ولا يلزم أن يكون المراد بقوله (أهلك من كان قبلكم الغلو) لا يلزم أن يكون هذا الهلاك عقوبة حسية معلومة بل من أعظم العقوبات والهلاك العقوبة القلبية أن يتنافر الناس ويتنازعوا فعلى ضوء هذا الذي أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام ينبغي ألا نغلو في دين الله حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام تبرأ من الغلاة الذين قالوا نقوم ولا ننام أو نصوم ولا نفطر أو لا نتزوج النساء أو لا نأكل اللحم تبرأ منهم فقال (من رغب عن سنتي فليس مني) ثم إن الواجب على طالب العلم فيما حدث من الأمور التي لم تكن معلومة من قبل ولا معروفة ألا يتسرع في الحكم عليها بل يجب أن يتأنى وينظر هل النصوص تدل عليها دلالة واضحة أو لا؟ وهل الأمة محتاجة إليها حاجة ضرورية أو كمالية أو لا؟ حتى لا يتسرع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015