وقول المؤلف رحمه الله إنه لو صلاها في الطريق أجزأ لأن الجمع رخصة هذا هو رأي الجمهور وخالف في ذلك ابن حزم وجماعة معه وقالوا لو صلى في أثناء الطريق لم تصح صلاته لأن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال (الصلاة أمامك) ولكن الصحيح رأي الجمهور وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الصلاة ولم يصل في الطريق رفقاً بالناس لأنه لو وقف وصلى في الطريق صار في هذا تعب ومشقة ولا سيما أنه في ذلك الوقت ليس هناك إضاءات فيشق على الناس فكان عليه الصلاة والسلام من حسن تسييره للحجاج أنه أخر صلاة المغرب والعشاء حتى أتى مزدلفة ولكن لو وصل إلى مزدلفة قبل صلاة العشاء فهل يسن له جمع التأخير اقتداءً بالرسول عليه الصلاة والسلام أو يقال صل المغرب ثم انتظر حتى يأتي وقت العشاء أو يقال صل المغرب والعشاء جمع تقديم؟ يرى بعض العلماء الأول ويقول إن الرسول جمع جمع تأخير ويرى بعض العلماء الثاني ويستدل بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه وصل إلى مزدلفة قبل العشاء ثم أذن وصلى المغرب ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أذن فصلى العشاء والحديث صحيح ويرى بعضهم أنه يصلي من حين أن يصل ويجمع جمع تقديم ويقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام جمع جمع تأخير لأنه أرفق بالناس والآن الأرفق بالناس أن يصلوا جمعاً متى وصلوا فيكون إذا وصل متقدماً يجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم وهذا هو المناسب لا سيما في أوقاتنا الحاضرة فإنه قد يشق على الإنسان أن يجد ماء يتوضأ به فيكون الأرفق به أن يجمع جمع تقديم من حين أن يصل ولكن لو لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد منتصف الليل فهل يؤخر؟ نقول لا شك أنه إذا تمكن من أن ينزل ويصلي قبل فوات الوقت أن هذا هو الواجب لكن إذا كان يشق عليه فهل يؤخر حتى يصل إلى مزدلفة؟ إن قلنا بأن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر قلنا إذا شق عليه النزول في أثناء الطريق أخر إلى أن يصل إلى مزدلفة ما لم يخش طلوع الفجر وأما إذا