ثانياً: قوله رحمه الله إن قوله (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) يريد الدفع إلى المجاهدين المقيس عليه الذي جعله أصلاً فيه نظر لأن الآية الكريمة إذا تلوتها عرفت أنها قسمت المستحقين إلى قسمين قسم لابد من تمليكه وقسم لا يشترط تمليكه: (لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) هؤلاء يُملّكون لأنه قال: (لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) القسم الثاني: (وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ) فقال: (وَفِي الرِّقَابِ) وهذا يدل على أن المقصود أن تصرف في الرقاب بدون أن يملكها المعطى ولهذا نقول: لو أنه أوفى دين المكاتب دون أن يعطيه لأجزأ لأنه لا يشترط التمليك كذلك أيضاً نقول في سبيل الله القول بأنه يعطى منها المجاهد فقط ضعيف والصواب أنه يعطى المجاهد وتشترى منها الأسلحة وتشترى من الزكاة الأسلحة وإن لم يملِّكها للمقاتل فقوله (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) تشمل شيئين الأول: أن نملك المجاهد ونقول: خذ هذه مثلاً ألف ريال جاهد بها والثاني: أن نشتري أسلحة ونعطيها للمجاهدين كل ذلك جائز وكل ذلك داخل في قوله: (وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ) لأنه جاء التعبير القرآني بغير اللام الدالة على التمليك بل جاء بفي الدالة على الظرفية وكما أنه يجوز للإنسان إذا علم أن فلاناً عليه دين ولا يستطيع وفاءه أن يذهب إلى الدائن ويقول يا فلان أنت تطلب زيداً مائة ريال هذه مائة ريال وإن كان زيدٌ لم يعلم بذلك لأنها داخلة في قوله: (وَالْغَارِمِينَ) وعلى هذا فنقول الآية تدل على أنه يجوز أن يُشترى للمجاهدين سلاح يقاتلون به وأن تقضى الديون عن المدينين وإن لم يعلموا بذلك وأن يُشترى العبد من الزكاة ويعتق وإن لم يعلم بذلك لكن لابد أن يعلم بالعتق كي يتحرر.