(230) وعن الأَصمعي، قالَ: هاجر خراش بن أبي خراش الهذلي، وكان قد ادرك الجاهلية، وكان يرعى لأبيه غنما على ماء لهذيل، يقال له: الرجيع، في خلافة عمر - رحمة اللع عليه - فترك اباه، وخرج سرا إلى العراق مجاهدا مع سعد بن أبي وقاص، فلمّا افتقده ابوه قالَ:
الا من مُبْلِغ عني خراشا ... وقد يأتيك بالخبر البريد
وقد يأتيك بالانباء من لا ... تجهز بالحذاء ولا تزيد
فأنك وابتغاء الاجر بعدي ... كمخضوب اللبان ولا يصيد
قالَ: فمرت رفقة بأبي خراش وقد اسن وضضعف، وليس على المّاء غيره. فقالوا: المنزل. فقال: هذا المنزل، وهذه جزر وشفرة ودلو واداوة وقدر، واما انا فشيخ كبير لا استطيع خدمتكم، وابني خراش غائب بالعراق، وخرج وتركني وحيدا، فأذبحوا واشتووا واستقوا. فقالوا: لا حاجة لنا في ذلك. فقام فأخذ القربة ليستقي لهم، وذلك في ليلة مظلمة، فنهشته افعى، فرجع ولم يخبرهم ولم يزل يئن ليلته حتى اصبح فأنشأ يقول: