قلت: جعل الزمخشري (نادي) بمعنى: أراد النداء؛ لأنه عطف النداء عليه حيث قال: { .... فقال رب .... } وهذا هو النداء، والأصل: يارب. وأما قوله: {إذ نادي ربه نداء خَفِيًا، قَالَ رَبِ .... }، فالنداء هناك حقيقة؛ لأنه أبدل منه حكاية النداء بلا توسط حرف عطف.
قال جدي الإمام ناصر الدين بن المنير رحمه الله [تعالى] وهذا الذي اعتقد أنه ملجئ [ليس] به؛ لجواز وجهين أقرب منه:
أحدهما: أن يكون الآخر تفسيرًا، وتوسط حرف العطف في التفسير لا يضر، وقد وقع كثيرًا، وقد قيل: - في قوله تعالى: {أَلَم يَعلَمُوًا أَنَهُ مَن يحادِدِ الَلهً وَرَسولَهُ فَأَنَ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} - أي: يهلك فإن له نار جهنم، فجعل المبرد الثانية تفسيرًا للأولى وتأكيدًا لها، فالثانية هي الأولى، لكن الأولى مجملة لم يذكر فيها صورة الهلاك، والثانية ذكر فيها صورة الهلاك، وأنه بنار جهنم.