وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِكِتَابِ اللَّهِ فَشِدَّةُ حُبِّهِ وَتَعْظِيمُ قَدْرِهِ إِذْ هُوَ كَلَامُ الْخَالِقِ، وَشِدَّةُ الرَّغْبَةِ فِي فَهْمِهِ، ثُمَّ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ فِي تَدَبُّرِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ تِلَاوَتِهِ لِطَلَبِ مَعَانِي مَا أَحَبَّ مَوْلَاهُ أَنْ يَفْهَمَهُ عَنْهُ وَيَقُومُ لَهُ بِهِ بَعْدَ مَا يَفْهَمُهُ، وَكَذَلِكَ النَّاصِحُ مِنَ الْقَلْبِ يَتَفَهَّمُ وَصِيَّةَ مَنْ يَنْصَحُهُ وَإِنْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ مِنْهُ عَنَى بِفَهْمِهِ لَيَقُومَ عَلَيْهِ بِمَا كَتَبَ بِهِ فِيهِ إِلَيْهِ، فَكَذَلِكَ النَّاصِحُ لِكِتَابِ اللَّهِ يَعْنِي يَفْهَمُهُ لَيَقُومَ لِلَّهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى، ثُمَّ يَنْشُرُ مَا فَهِمَ مِنَ الْعِبَادِ وَيُدِيمُ دِرَاسَتَهُ بِالْمَحَبَّةِ لَهُ، وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِ وَالتَّأَدُّبِ بِآدَابِهِ. وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ فَبَذْلُ الْمَجْهُودِ فِي طَاعَتِهِ، وَنُصْرَتِهِ، وَمُعَاوَنَتِهِ، وَبَذْلُ الْمَالِ إِذَا أَرَادَهُ، وَالْمُسَارَعَةُ إِلَى مَحَبَّتِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِنَايَةُ بِطَلَبِ سُنَّتِهِ، وَالْبَحْثِ عَنْ أَخْلَاقِهِ وَآدَابِهِ، وَتَعْظِيمِ أَمْرِهِ وَلُزُومِ الْقِيَامِ بِهِ، وَشِدَّةِ الْغَضَبِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ مَنْ يَدِينُ بِخِلَافِ سُنَّتِهِ، وَالْغَضَبِ عَلَى مَنْ ضَيَّعَهَا لِأَثَرَةِ دُنْيَا، وَإِنْ كَانَ مُتَدَيِّنًا بِهَا، وَحُبِّ مَنْ كَانَ مِنْهُ بِسَبِيلٍ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ هِجْرَةٍ أَوْ نُصْرَةٍ أَوْ صُحْبَةِ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالتَّشَبُّهِ بِهِ فِي زِيِّهِ وَلِبَاسِهِ. وَأَمَّا النَّصِيحَةُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَحُبُّ طَاعَتِهِمْ وَرُشْدِهِمْ، وَعَدْلِهِمْ، وَحُبُّ اجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ كُلِّهِمْ وَكَرَاهِيَةُ افْتِرَاقِ الْأُمَّةِ