ان حق الله على العبد لا يقاس بحق الوالد على الولد ولا بحق القائد على الجند، ومن حقه تعالى علينا أن نطيع في المنشط والمكره، والموافق لنا والمخالف لرغبتنا، لا أن نتمحل الادلة، ونتعسف النظر، لنجد قولا في الفقه يرضي أهواءنا؟ ولا أن نجعل من الحضارة الأجنبية، واعرافها التي أخذنا بها حجة على الشرع، فنؤول ما لا يؤول من النصوص، ونتنكب الطريق المستقيم في البحث لنقول ان ديننا لا ينافي هذه الاعراف، ثم اذا تبدلت اعراف (?) المجتمع، او تحول مورد هذه الحضارة الاجنبية من الغرب إلى الشرق، بدلنا بحثنا، وجئنا بتأويل جديد.
لا، بل الاحتكام إلى الشرع، والعمل بحكمه، والرضا به، والاطمئنان اليه، هذا هو شأن المؤمنين المصدقين حقا بصحة هذا الدين.
ثمرات الايمان
ومن مظاهر الايمان ودلائله، أن يكون الحب في الله والبغض في الله، نحب المطيع التقي ولو لم يكن لنا منه نفع، ونبغض الكافر الفاجر ولو لم ينلنا منه ضرر. بل اننا نبغضه ونهجره ولو كان مفيدا لنا، ولو كانت تربطنا به أوثق الروابط. ذلك لأن اخوة الدين أقوى عند المؤمن من اخوة الدم، وصلة العقيدة أوثق من صلة النسب. ولقد بين الله لنوح ان ابنه الكافر ليس من أهله، لأنه عمل غير صالح، ونفى أن تكون بين المؤمنين وبين المعاندين الذين يحاربون الدين مودة، و (تعايش سلمي)، مهما كانت قوة الصلات بين الفريقين. فقال: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله ... }.
لا يكرههم على الاسلام اكراها، بل يمنعهم أن يعترضوا سبيله،