المدينة، يريد زواجها، فلما رأى المهاجرين، قال في نفسه: اني أصحبهم لأتزوج بهذه المرأة. أو كانت له تجارة فصحبهم ليعمل في تجارته، وكان هذا وحده هو مقصده من السفر، كانت سفرته للدنيا، ولم تكن لله.
والنيات هي التي تفرق بين العادة والعبادة، فمن أفاق متأخرا، ومضى إلى عمله مستعجلا، وشغل عن طعامه وشرابه، فلم يدخل جوفه شيئا إلى الغروب، يكون قد قام بكل ما يطلب من الصائم ولكن لم ينل ثواب الصائمين، لأنه ما نوى الصيام ولا قصده (?)، والأعمال العادية، المباحة غير الممنوعة، اذا قصد بها صاحبها رضى الله، ونوى بها نية صالحة كانت له عبادة، ومن هنا قلنا ان جميع أعمال الانسان النافعة تكون له (بالنية) عبادة، فتشمل العبادة الحياة كلها، ويكون المرء متعبدا في طعامه وشرابه، وقيامه وقعوده، وكسبه وزواجه، ومن هنا يكون الفهم الصحيح لقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون}. فتكون العبادة بهذا المعنى الشامل، هي غاية الخلق.
مظاهر العبادة
فتلخص من ذلك أن توحيد الالوهية - وهو القسم الرابع والقسم الاخص من الايمان بالله هو أن نعتقد ان النفع والضرر كله من الله وحده، فلا تطلب النفع الا منه، اما عن طريق السنن التي وضعها لهذا الكون المسماة بقوانين الطبيعة، واما منه رأسا بالدعاء، تدعوه وحده، لا تدعو غيره، ولا تدعوه مع غيره، ولا تتخذ اليه وسيطا، ولا تستعين الا به أو بالأسباب التي جعلها طريقا للنفع، مع ملاحظة أنه هوالنافع لا مجرد السبب، وأن تخصه بالحب المطلق الدافع إلى الطاعة المطلقة، والخشية الدافعة إلى اجتناب