وتوسلك إلى الشفاء بسقي المريض الدواء الذي وصفه له الطبيب مشروع، ولكن ان أخذت الوصفة فجعلتها (حجابا) علقته بعنق المريض، أو نقعتها وسقيته ماءها، واعتقدت ان ذلك يشفيه فذلك ممنوع. وطلبك النفع بأشياء لم يجعلها الله سبباً ظاهراً له ممنوع، فالمرأة العاقر التي تشتهي الولد، اذا استعانت بطب الأطباء، وبالأدوية التي أنزلها الله، المستخرجة وفق قوانين العلم، لم تأت أمرا ممنوعا ولم تخالف الدين. ولكن اذا اعتقدت (كما كان يعتقد عجائز الشام (?)): ان قرع حلقة (جامع الحنابلة) في جبل قاسيون أول جمعة من رجب، يسبب لها الحبل، أو توسلت إلى ذلك بربط خرقة على شباك أحد القبور، تكون قد ارتكبت ممنوعاً، وخالفت عقيدة التوحيد.

فتبين من هذا ان الاستعانة بقوانين الطبيعة، والرجوع إلى الرجل العالم بها، واتخاذ الأسباب المعتادة الحصول النفع، كل ذلك جائز مشروع، على أن نذكر أن النافع في الحقيقة هو الله تعالى وحده دون سواه. وان الاستعانة بقوة غيبية مزعومة، لم يؤيدها العلم التجريبي ولم يثبتها الدليل السمعي، انما هي استعانة ممنوعة، منافية لعقيدة التوحيد.

توحيد الألوهية

التحليل والتحريم لله وحده

وهذه المنافع التي نصل اليها بتطبيق قوانين الطبيعة منافع دنيوية، لأن الله سلط عقولنا على كشف هذه القوانين، ولم يسلطها على كشف ما وراء المادة، ولا على جلب المنافع الأخروية. فنحن نعمل على جلب النفع، ودفع الضرر، في حدود المادة، وفي هذه الدنيا، ولا نملك لأنفسنا في العالم الآخر نفعاً ولا ضرراً.

ولما كان الله قد جعل للنفع الاخروي سببا، وهذا السبب هو عمل الواجب وجعل للضرر الاخروي سببا، وهذا السبب هو فعل الحرام، كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015