المغيبات فقط، ولا في أمر واحد من الأمور التي ادعوا ان الاعجاز فيها، بل فيه كله مجتمعا.
كالمرأة الجميلة، ليس جمالها في لون بشرتها وحده، ولا في عينيها وحدهما، ولا في أي عضو واحد من أعضائها، بل جمالها فيها كلها. وان كان كل ناظر في القرآن، يلمح الاعجاز من الجهة التي ينظر فيها.
تعرفون قصة رئيس قسم تحقيق الشخصية، الذي أسلم لما سمع قوله تعالى: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه ... }.
فكر: لماذا خص (البنان) بالذكر؟ ماذا فيه؟ فيه بصمات الاصابع، هذه المعجزة الآلهية العجيبة، كم على ظهر الأرض من ناس؟! أنه ليس فيهم اثنان تتفق بصمة أحدهما وبصمة الآخر.
انها ظاهرة عجيبة، لكنها عرفت من قريب، لم يكن يعرفها أحد على عهد محمد ولا في القرون العشرة التي تلت عهد محمد.
فلا بد اذن أن يكون محمد قد تلقاها من عند الله، ولا بد أن يكون القرآن كلام الله، وفي القرآن مئات من أمثال هذه الاشارة، لا نزال نجد كل يوم من يتنبه إلى واحدة منها، كلما درس القرآن دارس، بدت له من اعجازه جوانب لم يدركها الاولون، لأنه لا تفنى عجائبه.
لذلك يجب أن يفسر القرآن في كل زمان تفسيرا جديدا. يفسره الأديب، ويفسره الحقوقي، ويفسره الفلكي، ويفسره عالم النفس، وعالم الاجتماع، والمؤرخ، كل واحد منهم يجد فيه مجالا لعلمه واختصاصه، ودليلا من اختصاصه وعلمه على ان القرآن كلام الله.
ان معجزات الرسل الأولين وقعت مرة وانقضت، ولكن معجزة محمد قائمة تتكرر كل يوم، ومعجزات الرسل دليل، من غير جنس الرسالة، على صحة الرسالة، ومعجزة رسالة محمد، هي رسالته نفسها، صلى الله عليه وعلى اخوانه الأنبياء والمرسلين.