ولو ان رجلا لا يملك الا ديناراً يدخره لعشائه، ورأى صندوقاً لمساعدة الايتام، هل يضع الدينار في الصندوق اذا كان لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ويبيت طاويا ولا يخبر بذلك احداً، ولا يدع أحداً يراه؟

أما المؤمن فانه يضعه في الصندوق لأنه يعلم ان الله يراه، ويعطيه بدله سبعمئة دينار يوم القيامة. المؤمن وحده هو الذي يعمل الخير، رآه الناس أم لم يروه، شكروه أم لم يشكروه، أثابوه وعوضوه عنه أم لم يثيبوه ولم يعوضوه.

المؤمن وحده هو الذي يدع فعل البشر، سواء أكان وحده أم كان مع الناس، اما الذي يعمل الخير للثناء او العطاء، فلا يعمله الا اذا وجد من يثني عليه ويعطيه. والذي يدع الشر خوف الفضيحة، أو خشية العقاب، لا يدعه ان أمن أن يبصره الشرطي، أو يراه الناس. ولو حاسب الله الناس في الآخرة على ذنوبهم. ولم يرسل اليهم رسلا يعرفونهم شرع ربهم، لاحتجوا وقالوا: {ربنا لولا أرسلت إلينا رسولاً فنتبع آياتك}.

ولادَّعوا انهم لو بلغوا الرسالة لعملوا بها، ولو عرفوا الشريعة لاتبعوها، فكانت الرسلات: {لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.

الملائكة والكتب والرسل

شبهة وردها

يقول الناس: لماذا لم يهد الله الناس كلهم إلى طريق الجنة؟ ولماذا وضع في نفوسهم الشهوة ثم عاقبهم على الزنا؟ وغرز فيهم حب المال وحاسبهم على جمعه من غير الحلال؟ والجواب: ان هذا القول، كقول طلاب المدرسة، لماذا لا يعطوننا أسئلة الامتحان من أول السنة، ولماذا أخفوها عنا، وكلفونا الاستعداد لها؟ انهم أخفوها ليجد الطالب ويقرأ المقرر كله، ولو أعطيناه أسئلة الامتحان من الآن، لما بقي معنى للامتحان.

والدنيا دار ابتلاء، والابتلاء في لغة العرب الاختبار (الامتحان)، ليتميز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015