ولست أدعي اني أضع لكل منهما حدوداً ظاهرة، واميّزها تمييزاً واضحاً. فان هذه الأمور، لا تزال في ظلمات جَهلنا بها، لم يستطع العلم أن يضيء جوانبها. كلنا يقول: (قلت لنفسي) و (وقال لي عقلي)، فما أنت وما نفسك؟ وما نفسك وما عقلك؟ لم يتضح ذلك لنا بعد (?)، فلست أكشف هنا المجهول، ولكن أذكر بمثال مشاهد معلوم:
تكون نائما في ليالي الشتاء، متمتعا بدفء الفراش، ولذة المنام، فتسمع قرع المنبه يدعوك إلى الصلاة، فتحس صوتا من داخلك يقول لك: (قم إلى الصلاة)، فاذا جئت تقوم، سمعت صوتا آخر، يقول لك: (نم قليلا)، فيعود الصوت الأول يقول: (الصلاة خير من النوم)، فيقول الثاني: (النوم لذيذ، والوقت متسع، فتأخر دقائق). ولا يزال الصوتان يتعاقبان، تعاقب دقات الساعة: (نم. قم. نم. قم .. ) (?). هذا هو العقل، وهذه هي النفس.