فأي الطريقين تسلك؟
هذه خواطر قدمتها بين يدي الكتاب، وأعددت بها للقارئ الجو الذي يعينه على الدخول فيه.
اذا كنت مسافراً وحدك فرأيت أمامك مفرق طريقين. طريقا صعبا صاعدا في الجبل، وطريقاً سهلاً منحدراً إلى السهل. الاول فيه وعورة، وحجارة منثورة، وأشواك وحفر، يصعب تسلقه، ويتعسر السير فيه، ولكن أمامه لوحة نصبتها الحكومة، فيها: ان هذا الطريق على وعورة أوله، وصعوبة سلوكه، هو الطريق الصحيح، الذي يوصل إلى المدينة الكبيرة، والغاية المقصودة.
والثاني معبّد، تظلله الأشجار ذوات الأزهار والثمار، وعلى جانبيه المقاهي (?) والملاهي، فيها كل ما يلذ القلب، ويسر العين، ويشنف (?) الاذن. ولكن عليه لوحة فيها: انه طريق خطر مهلك، آخره هوة فيها الموت المحقق، والهلاك الأكيد.
فأي الطريقين تسلك؟
لا شك ان النفس تميل إلى السهل دون الصعب، واللذيذ دون المؤلم، وتحب الانطلاق وتكره القيود، هذه فطرة فطرها الله عليها، ولو ترك الانسانُ نفسه وهواها، وانقاد لها، سلك الطريق الثاني، ولكن العقل يتدخل، ويوازن بين اللذة القصيرة الحاضرة يعقبها ألم طويل، والألم العارض المؤقت تكون بعده لذة باقية، فيؤثر الاول.