النبي صلى الله عليه وسلم ولعل هذا هو السر وراء هذا الزواج. وظلت تنشر الدين وتبلغه إلى النساء والرجال.
ونرى أثر ذلك حتى اليوم كلما ذهبنا إلى الروضة في المسجد النبوي الشريف فنجد هناك عموداًَ (قائماً) يسمى (اسطوانة عائشة) .وكان الصحابة يجلسون بقرب هذه الاسطوانة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتونها في الأمور الدينية وكانت السيدة عائشة تفتي وتدرس وتبلغ وهي جالسة في حجرتها التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا استشكل أبوها سيدنا أبو بكر وغيره من الصحابة الكبار مثل سيدنا عمر الفاروق وسيدنا عثمان بن عفان في أي أمر هام رجعوا إلى السيدة عائشة لحل تلك المشكلة.
وقد ذكر العلماء المؤرخون أنه قد انتقل ربع الأحكام الشرعية إلى الأمة المسلمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال توجيهات السيدة عائشة وجهودها التي استمرت 48 سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وظلت تسكن نفس الحجرة التي دفن فيها الرسول إلى أن توفي سيدنا عمر ودفن بجوار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتقلت من تلك الحجرة قائلة: " إنني أستحي الآن أن أبقى هنا ".
وظلت السيدة عائشة توجه الصحابة في كثير من الأمور العامة وتنبههم إلى بعض أخطائهم الفقهية العلمية وهناك الصحابة الكبار أيضاًَ الذين تنبهوا إلى بعض أخطائهم نتيجة لتوجيهاتها فقد ألف العلامة السيوطي رحمه الله رسالة مستقلة في هذا الموضوع وأوضح كيف صححت السيدة عائشة أخطاء الصحابة وذكر تلك الفتاوى في رسالته التي سماها (عين الإصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة) .
وأذكر مثالاً لذلك هو أن سيدنا أبا هريرة أفتى ذات يوم أنه لا يجوز الصوم في حالة الجنابة فراجعته السيدة عائشة والسيدة أم سلمة وأخبراه أنه يجوز وكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل من الجنابة بعد تناول السحور أحياناً.
وقد روي عن أبى موسى الأشعري: " ما أشكل علينا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماًَ ".
(جامع الترمذي)