بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وسلام على النبي المصطفى.
ثم أما بعد. . .
فقد شهدت أسواق الفكر المعاصر أعمالاً فكريةً أصيلةً لكُتَّابٍ (صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) ، جمعوا بين العمق في الفكرة والجمال في العرض وحسن البيان. (مِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) ، بل أكثرهم - نسأل الله أن يعوِّض عنهم خيراً.
وأن يبارك في (مَنْ يَنْتَظِرُ) .
وظهر في أسواق الفكر أعمال ورجال نحسن الظن بهم جدوا وسهروا لتقريب كتب التراث "الأمهات" للقارئ، وهو عمل مشكور إذا أحسنوا تجريده من الإطالة، والإسرائيليات وما مضى عصر صلاحيته. ولا يمثل ضرورة فكرية مما قيل عنه: علم لا ينفع والجهل به لا يضر - في عصرنا.
بقي صنف أخيرٌ أجاد تحريفَ الحقِّ والزيغَ به إلى ساحة الإضلال، والإضلال - كما تعلم - يأتي بعد تمكن الضلال.
ومرحلتهم هذه تأتي بعد سقوط مرحلة الغزو الصليبي العسكري بعد مرحلة الغزو الفكري عن طريق المستشرقين.
لقد فشلت مرحلة المستشرقين لعدم ثقة المسلم في كلامهم مهما حاولوا إظهار الحياديَّة وادعاء الموضوعيَّة.
فاختاروا من أبناء البلاد من يحمل عقلاً علمياً كبيراً ويسَّروا له الطريق للمؤهلات العليا، والضوء الإعلامي، والتمكين في الأراضي.
اختاروهم ليتمِّموا المسيرة. وينشروا دين الهوى، ويفسدوا دين الحق.