المبحث الثالث: الأحداث التي اعتمد عليها الفقهاء في مسألة التعدد:

إنَّ النصوص الشرعية التي دلَّت على وجوب وحدة الأمة، وحذَّرت من تفرِّقها، ثمَّ فَهْمُ الصحابةِ - رضي الله عنهم - لهذه النصوص، وتطبيقُهم لها عندما حصلت الفتنة بين سيدنا علي - رضي الله عنه - ومعاوية - رضي الله عنه -، هما الأساس الذي اعتمد عليه الفقهاء في حديثهم عن جواز تعدد الخلفاء أو حرمته، فجاءت الأحكام في المذاهب الفقهية تبعاً لفهم الفقهاء لاجتهاد الصحابة في تلك الفتن (?)، لذا رأيت أنَّ من الخير أن أسلط الضوء على بعض النقاط في تلك الفتن، لنشاركهم - قدر الإمكان - فهمَهم لتلك الأحداث، وإن كان كثير من العلماء والمحدِّثين قد أسدل الستار على ما شجر بينهم احتراماً لهم، فلم يذكر تفاصيل الفتنة، وهو لا شك طريق سليم لدين المرء استجابة لتحذير الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمسلمين من أن يتخذوا أصحابه من بعده غرضاً، ولكن هذا قُبِلَ منهم بعد أن بَيَّنَ غيرُهم ما حدث، ثمَّ إنَّ الحديث ينهى عن اتخاذ الصحابة غرضاً إذا كان الهدف هو السبَّ والشتم والتجريح (?) أمَّا إذا جعلناهم غرضاً لإيضاح ما جرى بينهم لنتمكن من فهم ديننا فلا بأس به، بل هو مأمور به للحديث السابق، لأننا عندئذ نحاول أن نفهمهم لنقتدي بهم كما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم.

لهذا فسأكشف - بحول الله - عز وجل - اللثام عما جرى في الفتنة بالقدر الذي يساعدنا على فهم تلك المرحلة الهامة من تاريخ المسلمين، وهذا الفهم سيهدينا إلى الإقتداء بهم في وقتنا هذا للوصول إلى تطبيق شرع الله تعالى على بينة، فاللهَ أسأل أن يسدد خطاي ويجنبني الزلل إنَّه أكرم مسؤول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015