وصحَّ لنا من بعده لأنَّنا مأمورون بالاقتداء به، فحتى لو قلنا: إنَّ الخلافة هي خلافة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، آلَ الأمرُ عند التحقيق إلى خلافة عن الله تعالى، فما الرسول إلا رسول الله، وهو لا يُمثِّل نفسَه بل يُمثِّل ربَه تبارك وتعالى، ويُبَلِّغُ عنه شرعه.

ثم إنَّ الخلافة لو كانت خلافةً عن رسول الله، لكان كلُّ مَنْ يلي أمرَ المسلمين خليفةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولمَاَ دُعي عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - في بداية عهده بخليفة خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?). ثمَّ إن قول أبي بكر: لست خليفةَ الله، ولكنِّي خليفة رسول الله، لا يصحُّ دليلاً على رأي الجمهور، لأنَّه ورد عنه - رضي الله عنه - أنَّه قد رفض أن يسمى حتى خليفةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمى نفسَه الخالفة، وأقواله هذه يُفهم منها تواضعه - رضي الله عنه - لا أكثر (?).

الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معا

وأما الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معاً: فهو رأي التفتازاني (?) والشيعة (?) وإنْ انطلق كلٌ منهما من منطلق يختلف عن الآخر.

الرأي الرابع: القائل إن الخلافة هي خلافة عن الأمة

وأما الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة: فقال به القرطبي (?) وبعض المعاصرين كيوجه سوي ولؤي صافي وبسيوني وصاحب كتاب (الخلافة وسلطة الأمة) والخالدي. وهو رأي تبنَّته الموسوعة الفقهية (?). وقال الماوردي: «الإمامة من الحقوق العامة المشتركة بين حق الله وحقوق الآدميين» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015