3 - وينقل ابنُ الهمام عن الإمام الغزالي قولَه: «إذا اجتمع عدد من الموصوفين بهذه الصفات فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق، والمخالف للأكثر باغ يجب رده إلى الانقياد إلى الحق». ثم يقول: «وكلام غيره من أهل السُّنَّة مقتضاه اعتبار السبق فقط، فإذا بايع الأقل ذا أهلية أولاً، ثم بايع الأكثرُ غيرَه فالثاني يجب رده، والإمام هو الأول. ويمكن تأويل كلام الحجة الغزالي على ما يوافق غيره من أهل السُّنَّة بأنَّ مراده من اجتماع العدد، اجتماعهم في الوجود لا في عقد الولاية لكل منهم، ويكون قوله: فالإمام من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق جرياً على ما هو العادة الغالبة فلا مفهوم له وبالله التوفيق» (?).
ويمكن تفسير قول الغزالي - أيضاً- بأن مراده أن الإمام يكون من أراد أن يَعقد له الأكثر، لا من عقد له الأكثر، وهو بهذا يستدل بمنهج عمر في الستة أصحاب الشورى عندما قال: «فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد، فاشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما» (?).
4 - فإن تنازعاها يقرع بينهما عند الحنابلة (?) وفي قول عند الشافعية (?)، واحتجوا بقول سعد؛ ولفظ الحديث ما رواه أبو حفص العكبري بإسناده عن ابن شبرمة: «أن الناس تشاحوا في الأذان يوم القادسية فأقرع بينهم سعد»، وبإسناده عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» (?).
5 - وقال أبو هاشم من المعتزلة: «فإذا كان في الزمان جماعة يتساوون في الفضل، وجب الإجماع على المشاورة في تقديم أحدهم، وإن لم يكن ما يوجب التقديم فالاختيار إليهم، ولهم أن يعقدوا للواحد منهم» (?).